أحمد و أحمد


بكل تأكيد هي أختي تريد الاطمئنان كعادتها أن كنت توظفت أم لا، كم أكره هذا السؤال الذي أصبح مقيتاً في ألأونه الأخيرة ..

قررت بأن اتصل عليها بعد المغرب ، سرقني الوقت ولم أتذكر إلا الساعة العاشرة ، اتصلت عليها كما يليق يأخ محب مشتاق يخفي مرارة الإجابة عن سؤال الوظيفة وأوضاع الحياة بحرارة الترحيب !

أجابني زوجها رامي ..

رامي إنسان خلوق وهادئ لا تعلم حزنه من فرحه وقد يكون هذا أحد أسباب حبي العظيم لهذا النادر ..

أخبرته عن الاتصال .. هل هي أختي الطيبة ؟

، قال لا ‏أنـا من اتصل عليك !؟

وبعد تبادل التحايا وجُمل الاشواإاق والمداعبات الشبابية ..

قال لي أريد أن أستشيرك !؟।

أجبت : في ماذا يا صاحبي !

قال اتفقت ‏أنا وأختك بأن نسمي المولود الجديد احمد .!!

قالها لي واجتاحني أحساس فرح عارم تخلله حزن شفيف ॥ غبت عن المكالمة حوالي الدقيقة كنت أتخيل هذا الأحمد !!

تذكرت انه معي عَلى الهاتف : قال ما رأيك بصوت عالي !؟ قلت بكل عفوية لا... لا يا رامي لا وأعقب أللأت بضحكة استغراب واردفها لماذا !؟ قلت أرجوك هذا الطفل القادم أتركه للأقدار لا تظلمه بتسميته احمد قال نحن قررنا وننتظر منك الكسوة والهدايا قالها وهو يضحك ॥ وبدون أي نقاش أقفلنا السماعة حتى لم أقل له وداعاً ॥ كنت وقتها أقود السيارة ذاهباً إلى صديق ينتظرني ، ولكنني بعد المكالمة توقفت وقررت بأن أغير المسير حيث لا أحد ॥


أريد أن أتخيل احمد وأريد أن أراه وأريد أن أقبله وان أحملة وان أفاخر به وان وان... كثيررررره هي الأمنيات وقتها وبعدها .

جلست فيِ المقهى القديم حيث لا أحد إلا عامل يهرب حتى من الزبائن وهذا ما جعلني الجأ أليه وقت التأمل

بدأت طقسي المعتاد في التأمل برفقة أدخنة الأرجيلة والشاي الأخضر ॥

أحمد !!!

قررت أن اكتب لأحمد .. !

فالكتابة وسيلة خلاص وأصدق الطرق وأبقاها !

أحمد ..

لقد أتيت إلى هذه الدنيا يا حبيب خالك وإنت لا تعرف شيئاً أبداً ولكن الحياة أكبر مدرسة وهي كفيلة بتعليمك !؟ أما ‏أنا فسوف أعلمك الحروف وأكثر ! وسوف تكون معي حينها وقد تطلب مني أكثر !! ولن أخفي شيئاً عنك يا حبة قلبي ولكن يا صغيري سووف أخبرك بعضاً مما ستمر به فيٌ الحياة وأتمنى أن لا يمر بك إلا كل خير ولكني أخبرك الآن من باب الحيطة والاستباق !

بما أن أبواك اتفقا على تسميتك باسمي فسوف تحمل بعضاً مني وعني ..

ستعيش طفولة جميلة يملؤها الأمل والأصدقاء وعطف الوالدين ..

لكنك ستكون صامتاً أكثر من غيرك ، سيبهرك منظر الجبل و الشلال والمزرعة والمطر والسحاب أكثر من انبهارك بلعبه ..

سيقسي عليك الآخرون بتهمة البرود والشرود سيفكرون جدياً بأنك أغبى مما توقعوا ولكن لا عليك هذه كلها تصب لصالحك

وسأخبرك لاحقاً لماذا !؟

طفولتك لن تكون مثيرة للانتباه أو محل للدهشة ستعيش انت الاندهاش والإثارة وهم لا يعلمون ،ستكون حياتك يا صغيري بعد ذلك مثيرة للغرابه والقلق والريبة ومشاعر الحب وأشياء متضاربة وأكثر !؟

حياتك ستبنى على المغامرة والمصادفة ، لا ترهق نفسك بفكرة التخطيط فهي ليست لك ، ستعيش أيامك وكأن دهرك شقان الشق الأول

لا يعرف عن الثاني شيئا

سيجذبك الماء. وستتأثر بثقافة الجريان والنبع ، وتتمنى أن لا ينقطع المطر !

وسيكون إحساسك بالضوء هو ما تحس به لا ما تراه ستكون أعمى أحيًا والعمى حل وسيط بين ألحقيقة والخيال !! ستصاب بشرود الذهن ، عندما يذكرون السفر والرحيل والغربة !! سيكون الحظ معك و ليس حليفك ، يأتيك فجأة ، لا تنتظره ، فيِ أكثر الأحيان سيخونك حتى أخر لحظة وفي النهاية ينقذك !

ستصاب امك بجنون الخوف عليك ، لأنها تعلم جيداً انك ابن القدر ولست ابن التخطيط ، ستحبك بجنون وقد تهاتفك في اليوم أكثر من خمس مرات ، هي تعلم بأنك لن تستجب لنصائحها ولكنها رغماً عنها تمارس الأمومة .. وتعلم جيداً بأنك لن تتأخر عن سفر مفاجئ أو مشروعاً غريباً وتعلم أيضاً انك لا تخاف الناس وسوف تنام يا صغيري فيِ العراء يوماً وفي أرقى الفنادق يوماً ..وأياماً كثيرة لن تنام ، سوف يسكنك الحنين لكل شيء .. لصديق لـ جهة لـ لحن لـ لغة لـ أمنية لـ وطن لقصيده جاهليه ستحب الناس كثيراً وسيحبونك أكثر سيحبونك بعمق ! ..

وستنوي الهجرة على رأس قافلة إلى شرق أورباء أو إلى شمال الأرض البعيد أو إلى أقاصي الشرق الأدنى لتبحث عن أملاً في الحياة ، ستكره أكثر الأغنياء والمشاهير وستحب أكثر الفقراء ، ستجد في وجوه المسنين طمأنينتك ، ستصرخ في أخر الليل ألماً على فراق الأحبة و ستغني في الصباح أجمل الألحان لأصحابك الجدد ، ستصاب بحمى اللغة وستفتن بها ، ستقضي سننياً طويلةً وإنت تعيش التوتر الداخلي ، سيقبض عليك سلطان الحب وإنت فيٌ زهر الشباب ، أكثر أصدقائك سيكونون الغرباء ، ستكره من يمدحك ॥ سيزداد حنينك إلى أرض الأجداد كلما تقدمت في ِ العمر ، أبوك سيتركك طليقاً فيِ فجر الشباب لعلمه بغاياتك المتعبة وأفكارك الغريبة ، سيكون لك أخ بحجم قبيلة ، ستكون أكثر الناس حباً للترحال لن تخشى الرحيل ولكن سترتبك لحظة الوداع ॥ وسأحبك كثيراً !؟


هل أطلت عليك يا أحمد ؟

لا بأس خالك بدا بالهذيان يابن أعظم نساء الكون

بقلم : أحمد الزهراني

2 تعليقات

  1. د.نوف علي19 مايو, 2011 06:09

    جميلة تلك الخاطره
    بمثابة اسقاط لحياتنا وتجاربنا
    دورة الحياة
    موت وميلاد
    سعادة وشقاء
    لانستطيع أن نمنع الألم عن من حولنا
    ولكل مخلوق نصيبه العادل من التجربه والألم ولكل شخص قدره الخاص
    ببساطه احمد ليس احمد

    ردحذف
  2. رائع بحق اخي احمد والله يحفظك ويجيب احمد بالسلامة ويجعله قرة عيني والديه ويتربى في عزكم ..

    "سوف يسكنك الحنين لكل شيء .. لصديق لـ جهة لـ لحن لـ لغة لـ أمنية لـ وطن لقصيده جاهليه ستحب الناس كثيراً وسيحبونك أكثر سيحبونك بعمق !"

    ردحذف
أحدث أقدم