الثقافة الأمريكية تغير في العالم القديم، تحوله إلى مسارها وسلوكياتها، تأثيرها يصل إلى عمق الثقافة السياسية الأعرق، حيث المملكة المتحدة، بريطانيا المحافظة في أدائها السياسي، والتي كانت أقل رغبة في العروض الجماهيرية والإعلامية، وتحديداً لناحية تقديم المشهد التلفزيوني السياسي بأسلوب ملفت وحديث خارج الإيقاع التقليدي البارد.
حيث عصر المنشورات الحزبية انتهى، والوقت هو للمناظرات الحية، والأساليب الجديدة لإدارة الحملات الانتخابية، وهو ما يعد انقلاباً ثورياً في النظام السياسي البريطاني.
الانتخابات الأمريكية أقرب إلى متابعة تلفزيون الواقع السياسي، في مراحلها، وعرضها المباشر، فضلاً عن استخدام أحدث التقنيات، والتي أصبحت سمة الانتخابات البريطانية الحالية، هكذا فعلها الأميركيون من جديد بعد الجينز وموسيقى الجاز والبوب والهمبرغر وهوليود.
عولمة الثقافة الديمقراطية، وفي بيت أعرق الديمقراطيات وأكثرها ثقلاً وتحفظاً، وعلى الطريقة الأمريكية في المناظرات السياسية المتلفزة، دشنت ساكي نيوز مساحة واسعة لاختراق بوردة وتقليدية الحوارات التلفزيوينة الأوروبية، والاتجاه بها نحو الصيغة الأمريكية التي تجعل الإعلام قائداً لحضور القوى السياسية المختلفة وأحزابها وفعالياتها.
هكذا تغيرت صورة السياسي البريطاني، لتأتي متمردة ومنقلبة على التقاليد الراسخة، حيث وقف زعماء أبرز ثلاثة أحزاب، للمرة الأولى، في مناظرة تلفزيونية على الهواء، رئيس الوزراء غوردون براون - العمال، وديفيد كاميرون - المحافظين، ونك كليغ - الديمقراطيين الأحرار.
المثير أن إحدى الصحف نقلت أن المرشحين والمتناظرين تلقوا دروساً على أيدي خبراء حملات انتخابية أميركيين.
كان المشهد في المناظرة الأولى عرضاً تلفزيونياً بامتياز، فقد كسر نك كليغ السياسي الشاب-40 سنة- احتكار أكبر حزبين بريطانيين للمشهد السياسي منذ 80 عاماً، وأصبح النجم بفضل لعبة الصورة وتفاعل لغة الجسد، ومحور الاهتمام في الرأي العام العالمي والبريطاني، حتى إن بعض الصحفيين شبهوه بتشرشل. هذا عوضاً عن كسره نموذج القطبين في السياسة البريطانية.
ليس ذلك وحسب، بل و تخلي بريطانيا عن تقاليدها العائلية الكلاسيكية، فالنجم السياسي الجديد -نك كليغ، هو من أصول روسية لجهة الأب، ومن أم هولندية، عمل سابقا محاضراً وصحافياً وممثلاً وعضواً في البرلمان الأوروبي لعشر سنوات، يتقن خمس لغات، وشعاره (الطموح والتغيير).
ديمقراطية الصورة كانت حاضرة في المناظرات البريطانية بهيئة إخراجها الجديدة على الطريقة الأمريكية، أو طريقة العولمة السياسية الحديثة، فالإعلام هو الذي يقود ويؤثر، والعرض التلفزيوني يشمل فرصاً للناخبين لتوجيه أسئلتهم للمتنافسين بشكل تفاعلي أمام الملايين.
كما أن الانتخابات لم تعد محصورة بإطارها الجغرافي، بل أصبحت برامج تثقيف وترفيه سياسي لمن هم خارج المشاركة فيها أو تجريبها.
إلى اللقاء.
أشوف إنهم وجهين لعملة واحدة!!!
ردحذفتحياتي لك أستاذ ناصر مقالاتك دايم مختلفة ومميزة وسهلة على الفهم شكرا لك وننتظر المزيد.
ردحذف