الجزائر باليوبيل الذهبي والشيطان

image004يوم الخميس إحتفل الجزائريون والأميركان معا هذا الاسبوع للمرة الخمسينية الجزائرية، والمرة 235 الأمريكية على التوالي بيوم الإستقلال .. يومه أعجبني الرئيس الأمريكي أوباما إتصاله بنظيره الجزائري بوتفليقة،  يباركه وشعب الجزائر على عيد الإستقلال من فرنسا قبل خمسين عاما .. فلنتضامن الجزائريين بولاياتهم الجزائرية ال47 لنبارك عربا ومسلمين معا الأميركان بولاياتهم ال52 إستقلالهم المئوي الثاني ونيف منذ الانفصال القانوني للمستعمرات الثالثة عشر البريطانية فى 4 يوليو عام 1776، تنفيذا لإقتراح (ريتشارد هنري لي/ولاية فرجينيا) بإقامة الولايات المتحدة المُستقلة عن بريطانيا العظمى.

الجزائر لا هى جزيرةٌ مفردة ولا جزرٌ جمعُها "جزائر"، وإنما هى طليعة الطاقات المغرب العربي بالماء والكلأ، والنفط والغاز، والمعادن والتعدين، والزراعة والري والماشية والبشر، فمنذ أن نالت الجزائر استقلالها في الخامس من يوليو عام 1962 بعد الثورات الدموية والحروب ضد المستعمر الفرنسي الذي احتل البلاد 132 عاما، الجزائر من المفترض في الطليعة الأولى، لولا بروقراطيات ومافيات وحب العودة للوراء والبقاء بالقديم، والا فما المانع امام عاصمة 37 مليون من الكادر البشري تساندهم حقول النفط والغاز والتنمية البشرية أن ترافقها التنمية الإقتصادية الفعلية، رغم وجودها في طليعة الدول العربية المنتجة والمصدرة للبترول(الأوابك).!؟

الجزائر، هذا المنجم الحيوي من الثروات والطاقات لا يُخشى عليها من الشيطان الخارجي الخفي الموهوم القادم من وراء الشطئآن، وإنما الخوف كل الخوف من ذلك المخبوء الداخلي بين الجزر والخلجان، إذن لاتفتعلوا الخوف على الجزائر من الشيطان المزعوم الأمريكي او الفرنسي، اليوم امريكا هى أول من هنأت الجزائر، ولازالت فرنسا نستشفّ من أرشيفها العربي عن الجزائر اكثر من الإعلام الجزائرية التي تشغل الرأي العام بالأرشيف الوطني المسروق، وصحفها القيادية لازالت تفتقد لأبجديات الضاد، بل وتُحبّذ النطق بالفاء قبل الضاد من عاصمة المليون شهيد شهدوا الشهادتين بالضاد.!

إذن، الجرح الجزائري إن لم يندمل منذ الإستقلال فهو من الشيطان الجزائري لا الفرنسي ولا الإيطالي، وهو ذاته الشيطان السوداني في السودان والمصري في مصر والتونسي في تونس والليبي في ليبيا، كحلفائه قبله من الشياطين العراقية في العراق واليمنية في اليمن والصومالية في الصومال.

وهنا أهمس خشية ان يسترقّ لنا السمع هذا الشيطان الداخلي المخبوء، أهمُسها الأُذن الصاغية عن الجزائر من كل صوب، بان خريطة جغرافيا الوطن بعد ان افتقدت إسم "السودان" الشقيقة من قائمة كبريات الدول العربية، لم تعد الآن الجزائر أكبر دولة عربية  فحسب، بل إن باتت هى اكبر دولة  في كل إفريقيا من جانب، فمن جانب آخر عرجت هى الأخرى قمة الهرم لأسعد بلدان كوكب الأرض على الإطلاق، بتصنيف المعهد البريطاني للأبحاث الجزائر في  قمة السعادة ضمن مؤشر "هابي بلانيت اندكس".

عاصمة المليون شهيد ليست بحاجة إلى من يقصّ علينا مآسيها وإضطهادها في وجه الإستعمار الفرنسي الماضي، وإنما نحن بحاجة إلى أن نتعرف عن قرب وكثب على الإستعمار الجزائري الفكري الداخلي الحالي، المعادي والمُعدي لعاصمة تلو الأخرى بثقافة "تحريض وتوعية" في الخفاء ثم التفريخ والتوزيع في العلن.!

الألوان الأخضر والأبيض والأحمر، إن كانت هى التي وحدت شعب الجزائر قبل خمسين عاما، فماذا على الجزائريين ان يعملوا بهذه الألوان خلال خمسين عام القادم؟ إن تركتها الجزائر للشيطان الجزائري، فإنه قد يحرق الأخضر بالأخضر، وينحر بالأحمر ثم يستسلم بالأبيض..! وإن تمكّن الإنسان الجزائري سلبها الشيطان تلك الألوان ويحمل الراية بيده، فإنه قد يعيد الأبدان للأوطان خاصة والربيع العربي الذي بدأ بجوارها على بوابتى التونسية والليبية كان قد مر على الجزائر مرورا دون الوقوف.

إنى لأرى في هذه الألوان الثلاثة ان تأخذ بها الجزائر مأخذ الجد بتحويلها الى مسارات ثلاثة من التشجير الإقتصادي واللمعان الإقتصادي ثم الإزدهار الإقتصادي في حديقة لاينقصها الماء والخضرة والوجوه المقتدرة لعباقرة وعلماء جزائريين، فإن أتيحت لتلك الروافد ان تنصبّ في التنمية الإقتصادية الفعلية وحوافزها، فإنها ستمتصّ للأبد تلك النعرات الثلاثة التي ترددت في الظلماء بالراية السوداء ودون تلك الألوان الثلاثة للعلم الجزائري وانما بمزاعم  هى الأخرى كانت ثلاثة: ( البطالة والظلم والمافيا.)

فإلى جزائر الغد بشمعة ألوانها ثلاث، الى الجزائر بعائدات النفط فجزائرٌ دون الغلاء بخفض الأسعار، وإلى جزائر بتأهيل وتدريب الكادر البشري، فجزائرٌ دون البطالة، ثم إلى جزائر الأوروبية الثقافات إسلامية التقاليد، فجزائرٌ بسلام الإسلام الحقيقي دون الإرهاب المٌقمّص الذي أودي في التسعينيات بحياة مئتي الف من الأبرياء الجزائريين بإسم الإسلام تارة،  وبذريعة تصفية حسابات الجنرالات والعساكر تارة أخرى.

  • أحمد إبراهيم ( كاتب إماراتي )
  • ui@eim.ae

إرسال تعليق

أحدث أقدم