يوم التقينا على بوابة فصل الأحلام
قلت: ادخلي!
ودخلت..
كان العالم ملوناً بعصافير وفراشات
وكانت الأرض تتمرى بسماء زرقاء
تسكنها آلاف الورود
وكنت معي طفلاً
يفتش عن لعبة نادرة
تشهى الحصول عليها زمناً
لكن الطفولة هجرته وشردته الرّياح
على أرصفة الغبار والحنين
......
يوم التقينا
خلتك الرجل- الأسطورة- الذي وعدني
بأن يخرج إليّ ذات حلم
من أوراق صفراء
بين دفتي كتاب
ليصوغني أميرة للبراري والينابيع
ليرتبني امرأة حقيقية
تؤثث فصولها بالخصب
تنثره على مفارق الكرة الأرضية
لكنك لم تستطع أن تكون إلا أنت
الرجل الشرقي الراغب أبداً
بصوغ امرأة صغيرة
تتبعه كظله
تدور حوله كفراشة
ثم تحترق بضوئه
وأنا... لا أستطيع أن أكون!
فعد إلى دائرة أحلامك الضيقة
واتركني أرسم الكون
دائرة مفتوحة لأحلامي
يوم التقينا
كان يجب
ألا نلتقي..
فبيني وبينك
مساحات من البوادي السمراء
سامقات من الجبال الخضراء
وامتدادات زرقة بلا حدود
مقتول أنت في فضاءاتي
مقتولة أنا في فضاءاتك
فليعد كل منا إلى عالمه بصمت
بلا هزائم منثورة أو مقفاة
فإيقاع الحياة مستمر
ما دامت إمكانية اختيار حلم جديد قائمة
أشرع للريح نوافذك
وافتح صدرك للمطر القادم
فأنا راحلة عن حدود أيامك الباردة
لأبحث عن نوافذ لا تغلق
عن صدر لا يخاف اشتعال الريح
في توابيت المدينة
وسأمحو بالثلج المرتجى
بقايا أيامنا الرمادية
وهي.. أصغر من الحلم
أكبر من الوهم
ولتشرق على العالم
شمس من بهاء كلمات
تضيء كالزيتون
تحلّق كالنسور
تهدل كالحمام
وليشرق على قلبي
قمر الحبّ المستحيل
لأنتظر من جديد
وجهاً أليفاً إلى درجة التوحد
وادعاً إلى حدود الطفولة
واضحاً... غامضاً.. كالبحر
قد لا يتسع عمري هذا لألتقيه
لكنني في زمان ما...
في مكان ما...
سأنهض من العدم
عندما تهمس لعظامي جذور السنديان
بأنه جاء.. ذلك الرجل المعجون من سمرة الرمال
وصخر الجبال وخضرة الشجر
سأنهض من العدم
لأغني قصيدتي الأولى
أوقعها وشماً على صدره العشبي
على ساعديه الضارعين للسماء
أن تمنحه امرأة من زمن آخر
زمن لم يتسع لأحلامها
فنامت دهوراً بانتظاره
انتظاره وحده.. دون سواه.
- فاديا غيبور
- 1998