حوار رائع مع الفنان التشكيلي الفلسطيني خالد نصار أجراه أخي وصديقي الفنان التشكيلي المغربي داني زهير.. أترككم مع هذا اللقاء لتتعرفوا على هذه الموهبة الغالية من الأرض الغالية فلسطين..
سؤال لابد منه من هو خالد نصار?
فلسطينى ولد وترعرع بين ازقة مخيم النصيرات احد مخيمات قطاع غزة
تعلم فى مدارس الوكالة الابتدائية والاعدادية وانتقل الى الثانوية وبعدها الى معهد صناعى
وتعلم مهنة الكهرباء العامة وفى مرحلة متقدمة من العمر حصل على الثانوية العامة فى عام 2001
وبعدها حصل على دبلوم صحافة وعلاقات عامة
متزوج واب لثلاث اولاد وثلاث بنات وجد لحلا وجنى واحمد وشهد ونسمة
انسان بسيط يبحث دائما عن رسم البسمة على وجوه كل من حوله
هادئ يخلو بنفسه كثيرا يتأمل ما يحيط به
كيف كانت بدايتك مع الفن التشكيلي؟
بدايتى كانت مفاجأة وغريبة من نوعها
حيث اكتشفت موهبتى الدفينة من الطفولة فى سن متأخرة نوعا ما
كنت جالس اتابع التلفاز يوما اواخر نوفمبر عام 1997 واكتشفت بعد مغادرتى المكان
اننى تركت خطوطا على دفتر احد أولادي
فتابعت الامر باهتمام وبحثت كثيرا وسهرت الليالى الطوال فى تطوير موهبتى
التقيت بكثير من الفنانين فى تلك الفترة وتعلمت منهم الكثير
ولهم منى كل التقدير ولكن تأثرت باثنين من الفنانين ربطتنى بهم علاقة حميمية وهم :
الفنان القدير فتحى غبن والفنان د\شحدة درغام
تعلمت من فتحى الفطرى كيف ينقل احاسيسه على اللوحة
وتعلمت من شحدة كيف ابنى عمل بشكل اكاديمى مدروس
فجمعت بين الفطرة والاكاديمية ورسمت لنفسى طريقا اسلكه واسلوبا يميزنى
وفى مرحلة قريبة التقيت بالفنان الكبير الاستاذ عصمت داوستاشى فى مصر
وربطتنى به علاقة قوية جدا فتعلمت منه بساطة التعبير وسهولة التنفيذ
ما هي المدارس التي تأثر بها خالد نصار في مساره الفني؟
فى البداية كما الجميع تأثرت بالواقعية ونقل ما يقع عليه بصرى على المسطح
حاولت الخروج احيانا الى السريالية والتجريدية ولكن وجدت اننى بحاجة الى التأنى
فتوقفت فترة طويلة حاولت خلالها ان اهتدى الى طريق يميزنى وتكون لى من خلاله بصمة
وبعد تفجر الثورات العربية انفجرت مكنوناتى وخرجت بعفويتى لترسم لى الطريق الذى بحثت عليه طويلا
فعبرت بلونى عن احاسيسى ومكنوناتى فكانت هى التعبيرية
ولكن باسلوبى الفطرى وتلقائية عفوية تكون مدروسة احيانا
كيف توازن بين خالد نصار الإنسان و خالد نصار التشكيلي؟
خالد الفنان لا ينفصل عن الانسان ويمتزج الاثنان ليشكلا ذلك على المساحات البيضاء
ولكن مع هموم الحياة يكون هناك كثيرا من المتناقضات فترى خالد الانسان يعانى الكثير
وسرعان ما ينقذه خالد الفنان فتراه يخرج كل همومه ومعاناته على مسطحاته مخلفا فضاءاً رحبا وفسيحا
بامل قادم تنقشع معه كل منغصات الحياة
كيف تواجه فضاعة الواقع المر المحيط بكل فنان؟
بالصدق مع الذات والبعد عن المشاحنات والمناكفات الفنية والسير نحو الهدف بكل ثبات
مؤمنا ان الشجر المثمر دائما ما يرجم بالحجارة
هل استطعت كفنان تشكيلي أن تراكم أعمالا فنية لها بصمات خاصة بخالد نصار ؟
رغم قصر المدة بعد عودتى الا اننى اجد اقبالا شديدا من النقاد والصحفيين والاعلام
والمتذوقين وهذا يدلل على خصوصيتى ويظهر بصمتى من خلال التجربة الاخيرة صرخة لون
وما سبقها من مراحل متتابعة فى التجريب فى رحلتى مع اللون بصراع ثم حوار ومحاولة الولوج الى عمق اللون
عرضت العديد من المعارض ؟ وكيف مر العرض بمصر الشقيقة ؟ وكيف كان الحضور ؟والاستقبال ؟ ، فما هي القيمة المضافة التي أتت بها؟
نعم انا عرضت وشاركت فى اكثر من معرض وملتقى فنى فى مصر الحبيبة
لا اخفى عليكم اننى اكتشفت نفسى من خلال الثورات العربية عامة والمصرية على وجه الخصوص
وكانت اولى مشاركاتى الخارجية فى مصر بمدينة شرم الشيخ المنتجع السياحى الرائع
التقيت هناك العديد من الفنانيين العرب وربطتنى بهم علاقات حميمية ما زالت تزداد مع الايام
اما عن معرضى الاخير (صرخة لون) بمركز محمود سعيد فى الاسكندرية فكان رائعا لدرجة اننى لم اتوقع
هذا النجاح وكنت مبهورا بالحضور ومكان وطريقة العرض المميزة
المعرض اضاف لى الكثير فنيا فضلا عن انه عرفنى بمجموعة كبيرة من فنانى الاسكندرية المميزين
وتعرفت ايضا من خلاله على اصدقاء جدد من جمهور المتذوقين الرائعين.
ما دور الفن التشكيلي في الثورات العربية؟
وهل تمكنت من تكوين جمهورا وعشاقا له، أم أنه مقتصر بالمشتغلين به فقط؟
الثورات العربية هى نتاج ظلم وقهر طال امده ولا بد ان تكون هناك عديد من الادوات التى
ساعدت وشجعت وحركت تلك الجموع لتنتفض على الظلم وتصرخ ومن المؤكد ان تكون اللوحة الفنية
احد تلك المحركات بالاضافة الى الكاريكاتير والمقالات الصحفية وبرامج التلفزيون والندوات الشعبية
وخطب المساجد فكلها كانت ادوات حركت الساكن واخرجت العفريت من القمقم
لا شك ان هناك جمهور كبير مهتم بالفن التشكيلى ويبحث دائما عن القيم الجمالية
وعن الالوان المستفزة للمشاعر الجياشة والرموز الوطنية التى تشحذ الهمم
وانا عن نفسى اجد حولى كثيرا من الجمهور المتابع لاعمالى سواء من الفنانيين او من المتذوقين
وهذا احد الاسباب التى جعلتنى اصل الى هذه المرحلة المتقدمة فى مسيرتى
فكل الشكر والتقدير والحب لكل جمهورى وعشاق فنى
ما سبب عزوف الجماهير عن معارض الفن التشكيليّ؟
ربما يكون السبب متعلق بما ذكرت انفا .فيبحث المتلقى عن تلك القيم والالوان والرموز
فيجدها شحيحة ولا ترضى طموحه وربما ايضا لاسباب اخرى اهمها التوجه الى الحداثة وما بعد الحداثة
بشكل غير مدروس اوجد فراغا بين الفنان والجمهور المتلقى
وهنا اقول ان اللغة التى تقرب بين الفنان وجمهوره هى الصدق مع النفس ليسهل على الاخرين التلقى
10 ـ هل حقا تشعر بعزلة اللوحة التشكيلية أمام الأشكال الفنية الأخرى؟
هناك عزلة ولكن محدودة وبشكل نسبى تبعا لما يقدم فنجد احيانا اللوحة التشكيلية
تتفوق على نظيراتها من الاشكال الفنية الاخرى والعكس تماما
وهنا ترجع هذه العزلة على عاتق الفنان اولا وعلى الجهات الرسمية التى تحتوى الفن التشكيلى
من حيث البعد عن المجاملة فى الاختيارات والاعتبار يكون فنى بحت حتى تكون اللوحة التشكيلية
جاذبة للجمهور وتتفوق .
دور المرأه فى حياتك كفنان ؟
المرأة نصف المجتمع فهى الام والزوجة والاخت والابنة
فامى اطال الله فى عمرها ومتعها بصحتها وعافيتها لها دور كبير فى حياتى الفنية
فهى الملهمة لى والداعمة والوعاء الذى يحتوينى فهى رفيقتى فى كل اعمالى
والمرأة هى رمز للارض والانجاب وطالما رمزنا بها بجذور راسخة وبراعم باسقة فى فضاء رحب
مفعم بالامل .
والمتأمل لأعمالي يجد دائما المرأة تتسيد المشهد دلالة رمزية على ارضى المغتصبة والتى ستعود
يوما ما وقريبا طالما نحن نتنفس هوائها
الفلسفه أوالحكمه التى تؤمن بها؟
البساطة بعزة نفس والتواضع بكبرياءالروح .والعمل الدؤوب للوصول للإبداع
اما الحكمة فهى مقولة صغتها من تجارب الحياة
((ابتسامة منك للآخرين لا تكلفك شيئا ولكنها ربما تكون لهم كل شيء))
كلمة اخيرة لمن توجهها؟
كلمتى الاخيرة اوجهها الى من يحاولون الظهور فى المشهد الفنى التشكيلى
من خلال الملتقيات والتجمعات الفنية والمعارض
الاخلاص والصدق وحسن التحضير والاختيار يكون على اساس فنى والبعد كل البعد عن تحويل الفن الى بزنس
فلا مانع من مساهمة الفنان المشارك بشيء من تكاليف العرض ولكن لا يكون الاساس هو المكسب المادى
وهناك فى الآونة الاخيرة ظهرت السمبوزيومات والملتقيات الفنية وهى رائعة ومفيدة بحد ذاتها
للتقريب بين الثقافات العربية والدولية بين الفنانين ومن ثم تنتقل الى الشعوب
ولكن يجب ان يكون لها ضوابط وتحت رقابة المؤسسات الرسمية والنقابات حتى لا تترك الامور على عواهنها ونرقى بالفن ونطور من انفسنا.