الإمــاراتيون: "رواتبنا بمنطقة الدّرهم"

إنهم يشكّون في وجودهم بمنطقة (اليوروو)، ونحن على يقين بأننا بمنطقة (الدرهم)، نقول يا وطن يا الأمّ الرؤوم، وانت يا المواطن يا الإبن البار، إن الحليب بينك وبين الوطن سمةٌ مشتركة وسلعةٌ إستراتيجة .. إنهم بمنطقة يورو الوشيكة التفكّك كانوا ولازالوا بمعلبّات حليب نيدو، وأنت بمنطقة الدرهم، كنت ولازلت بحنان صدر الأم للرّضاعة.

 
لكن القواسم المشتركة بينك وبينهم هذه الايام هى الأعياد تلو الأعياد، قريبا احتفلنا على التوالي في العالمين العربي والإسلامي بالعيدين الفطر والإضحى المباركين، ثم رأس السنة الهجري المبارك، كما وإحتلفت الجارة الشقيقة المملكة العربية السعودية بالعيد الوطني81، ثم ونحن بالإمارات بروح الإتحاد40 .. هذا، وعلى الجانب الآخر من الوادي سيحتفلون قريبا (ونحن معهم دون نفوروتشنّج) بالكريسميس والميلاد ورأس السنة الميلادي 2012 وغيرها من الأعياد، والمباركة إن شاء الله بسلام على البشرية جمعاء من سكان كوكبنا الجميل.

 
لكن الامارات فاجأت المواطنين والمقيمين معا، بعيد آخر سيبقى يتجدّد نهاية كل شهر مع الرواتب، هو قرار رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله بزيادة رواتب موظفي الدولة بين 35 الى 100%، وضاعف هذا القرار أفراح الاحتفال الوطني الاربعيني .. إنه عيدٌ من نوع آخر، عيدٌ لم ينتهى صداه بالمُصلّى بمغادرة المصلّين، فلن ينتهى مداه على إطفاء شمعة الأربعين للإتحاد هذا العام.

 
هذا العيد بمنطقة الدّرهم الإنتعاشي، وعلى الجانب الآخر من الوادي إستغاثات منطقة اليورو الإنكماشي، فخرٌ واعتزازٌ ومكسبٌ لدولة الإمارات الفتية، تقابلها الدول العاجزة من تلك القارات العجوزة، التي تزعم انها كانت تحكم إلى ما لاتغيب عنها الشمس بين المشرقين بالجزر والعصى حينا وباللُّجين أحيانا.

 
نحن بالدرهم والدينار وهم باليورو والدولار، ياترى من سيعزّز الثقة بالإقتصاد على المستويين المحلي والعالمي؟ الإمارات لم ترد على الشكّاكين في متانة إقتصادها بخطب سياسية وخطابات دبلوماسية رنّأنة ولابقصائد رومانسية، وانما بالدّواء التي هي الدّاءُ، فلتخرس الشكوك، لأنّ هذا القرار سيقطع الشك باليقين وسيترك تأثيراً إيجابياً كبيراً بالمعيشة الإماراتية، وينقلها بنُقلة نوعية إلى عقود قادمة، باعتبار ان المواطن شريكٌ أساسيً مع المقيم بشكل مباشر او غير مباشر من خلال الأنشطة المحلية تجاريا، مهنيا، حرفيا او خدميا.

 
"هدية رئيس الدولة بمناسبة اليوم الوطني الـ40 تضمنت زيادة رواتب جميع موظفي الحكومة الاتحادية" .. وجاءت كأدقّ وصفة سحرية لطبيب مخضرم يمنح أكسير الحياة للمرضى .. وحقا قيل بان (قرار خليفة عطاء وروح الاتحاد) .. ولم يتوقف هذا القرار على هذا القدر فحسب .. بل جاء بهوامش وملحقات .. نعم وايضا "الإمارات ستؤسس صندوقا بعشرة مليارات درهم لسداد ديون المواطنين".

 
ويشمل القرار جميع فئات الشعب الاماراتي، برفع رواتب من هم في درجة وكيل وزارة ووكيل مساعد بنسبة 45%، ورواتب شاغلي الدرجة الخاصة والأولى بنسبة قدرها 35%، ومن الدرجة السابعة إلى الدرجة الرابعة نص القرار على زيادة 45%، وأيضاً منح أعضاء السلطة القضائية زيادة بنسبة 100% من الراتب الأساسي، ويحظي العاملون في وزارة الصحة، والعاملون في مجال التدريس بزيادة في رواتبهم بنسبة 100%، كما وأمر سموّه بتأسيس صندوق رأسمال 10 مليارات درهم، يتولى دراسة ومعالجة قروض المواطنين من ذوي الدخل المحدود، وإجراء تسويات للقروض الشخصية المستحقة عليهم وذلك بالتنسيق مع المصرف المركزي والمصارف الدائنة في الدولة.

انه عيدّ ليس كباقي الأعياد في الإمارات، عيدٌ سيبقى يتجدد في بيوت عوائل تلك الشرائح التي شملهم القرار، يتجدد مع تجديد صفوف مدارس أطفالهم، ويتجدد على شبابيك المشتريات بالجمعيات والأسواق، كما ويتجدّد وهو الأهمّ خلف زنزانات السجون مع هؤلاء المواطنين البسطاء السجناء من متعثّري الديون للبنوك الربوية.

 

 
تلك البنوك التي كانت دائما برقصة الإنتصار كلما أودعوا عميلا متعثّرا خلف الزنازين، وتبقى تتفرّس في وجهه بالوعد والوعيد إن كان هذا العميل لازال يشمّ الهواء خارج السجون، طبعا والطبّالون الجشعون هم هؤلاء الضبّأط المصرفيون المرتزقة في تلك البنوك التي ما تركت غرفة نوم مواطن متواضع محدود الدخل مع أطفاله إلا وأقتحمتها بالف حيلة وحيلة، لتهدده بالشيكات والسجون لاحقا .. ثم يقوم (سعادة المدير باشا) بإحتفالات ألف ليلة وليلة.

 
سيدي صاحب السمو أطال الله بعمركم المديد، لقد أثلجت مكرمتكم فؤادي، وشعرت أن ما نشرتُه بقلمي المتواضع يوم الإنتخابات في هذا السياق في الصحف المحلية والإقليمية لم يذهب سُدى .. وكان المقال يومذاك ولازال متوفرا عبر الجوجل بعنوانه (أحداث سبتمبر إماراتية) .. لكنّها أحداث المنّ والسلوى على قلوب المواطنين، فطوبى للإماراتيين بالوطن ورعاة الوطن على الوردة البيضاء، و" هاردلك" لمدير البنك الربوي على الإبتسامة الصفراء.

 

  • بقلم: أحمد إبراهيم (كاتب إماراتي)
  • البريد الإلكتروني: ui@eim.ae
 

 

 

 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم