أحسنت يا رجب في شعبان ورمضان، فأحسنت يا رجب أردوغان ، كنا قد إعتدنا في العشرة الآخيرة من كل رمضان، ان نضع ميزانية المكاسب والخسائر، وعادة مكاسب من الآخرة كانت على حساب خسائر في الدنيا.!
والظالم كنا نتركه ليوم تشخص فيه الأبصار، فنذهب وندعوا عليه في العشرة الأخيرة من رمضان، كما والغاصب ايضا كنا نتركه ينهب يسلب ويغصب بغطرسة هل من مزيد، ثم نذهب الى الحرم المكي بمكة او الإبراهيمي بالقدس، نغمض العيون في القيام والتهجّد والتراويح، نتخيّله الغاصب ونحن مغمّضون بالبكاء والنواح انه يعيد لنا المفاتيح على أبواب الجنة، وملائكةٌ غلاظٌ يقودونه مع مائير وديّأن وبيريز وشارون وشامير وشافيز وموفاز وغيرهم من الغاصبين بركلات الى جهنّم، والشعب الفلسطيني يتفرج عليهم فرحين مبتسمين من الطابق العلوي لشبابيك الجنة .!
يبدو هذا الليل الطويل على مشارف الإنتهاء، أيامٌ نتمنّاها آخر أيام الظلام بالمنطقة مع شروق شمس من الجانب الآخر للوادي العربي .. شمسٌ أشرقت من تركيا تقول لإسرائيل بصوت إسلامي عربي ممزوج وشامخ "لا جسور للصداقة والتجارة بين أنقرة وتل أبيب".
صوت رجب أردوغان ليس دخيلا قدرما هو صوته من الداخل، إنه مكسبٌ تحقق للعرب دون الجامعة العربية وعمرو موسى ونبيل العربي، ودون قمة عربية مصغّرة او مؤتمر إسلامي مُكبّر، لاتشغلوا بالكم يا عرب في تحليل صوته وصورته، أتركوه وشأنه، وحلّلوا إن كنتم تحبون التحليل والتحريم كاالعادة، إن تركيا الجديدة لم يأت بها ميدان التحرير بمصر، ولا شارع بورقيبة بتونس، ولا سدّ مأرب باليمن، ولا النهر العظيم بليبيا .. إنها يقظةٌ داخليةٌ ليست من داخل رجب أردوغان فحسب، وإنما أيضا من داخل تركيا الإسلامية برمّتها من أنطاكية الى ديار بكر، ومن داخل كل تركي مسلم من رأسه الى أخمص قدمية.
لاتشكّكو في لاءات أردوغان إن قالها لاغطرسة لإسرائيل جوا، ولا هيمنة لها بحرا، ولاجيش لها في المنطقة بعد اليوم يُعرف بالجيش الذي لايُقهر، بل ولا علاقات عسكرية وتجارية بين أنقرة واتل أبيب، ولاصناعات دفاعية مشتركة بينهما، ثم ولا مساحة للطفلة المدلّلة في المنطقة بعد اليوم.
أردوغان لم يكتف بلاءات وحسب، بل ألحقها بـ(نعم) للمزيد من العقوبات على إسرائيل، ونعم لزيارة القاهرة، ونعم لزيارة غزة، ونعم للسفن الحربية التركية في المياه الإقليمية، فقالت تل أبيب معقّبة "لا للمزيد من التهور في علاقتنا بتركيا..!"
تركيا مكسبٌ، وبها قد نكسب اليونان، وبهما الأوروبيتين الشرقية والغربية، وبهما الامريكيتين الشمالية والجنوبية، والقناعة راسيةٌ بالإجماع ان تركيا كانت إسلامية عثمانية راسخة وستبقى، وإسرائيل صهيونة دخيلة غاصبة ستزول، والطفلة المُدلّلة لن تدوم لها الأحضان الدافئة من واشنطن الى باريس، إن عرفنا الطريق السليم لإستثمار الصفحة التركية الجديدة.
ستّون سنة ونحن بمصر الحافظ الأمين، لم نسمح لعواصم أخرى ولو بشيئ ضئيل من مظلتها، ومنذ 25 يناير من ميدان التحرير والأيام تؤكد ان الحرية لاتعني الفوضى، فما المانع ان تنضمّ أنقرة الى القاهرة للتنظيم، عاصمتين تفيدان بعضهما وتستفيدان من بعضهما.؟ و مثلنا الشعبي "زيادة الخير خيرين" ..
قد نتعلم من تركيا إطلاق سراح المساجين لا البلطجية، وعدم مهاجمة صحف المعارضة بقسوة وعنف، وعدم إعتبار المعارضة تضعيف للنظام بل ونعتبرها تقوية له، ونأخذ منها تقنيات لا للكهرباء والمياه المقطوعة، ولا إنفجار بمواسير المجاري، ولا تلوث في البيئة، ولا إستمرار في موجة الغلاء، ولا نقص في الكتاب المدرسي والجامعي، ولا أزمة مساكن شعبية على الدولة والديون الباهضة على الشعب.
القاهرة بأنقرة لا أعتبرها فترة إنتقال، بل وأعتقدها نُقلة نوعية للعواصم العربية كلها بالعواصم الإسلامية كلها، كنا نطلب الكثير ونحن القليل، وعشنا سنوات لم نحصل على القليل القليل، فهل بات من واجبنا ان نعمل الكثير، لنطلب الكثير الكثير إن إنضمت إلينا أنقرة وجاكرتا وطهران وإسلام آباد وكوالامبور ومالديف وجزر القمر وغيرها من التي تصوم صيامنا وتصلي صلاتنا بإتجاه القبلة الواحدة، فهل آن ان نتقبل تعريب أهل القبلة إن كانوا إن كانت شعوبها تحلم الذوبان في الشعب العربي؟
-
البريد الإلكتروني: ui@eim.ae
كاااااااااااااااااااااتب اكثر من رائع بصراحه هي المره الاولى التي اقرا لك فيها كاتب متميز باسلوب رااائع
ردحذف