أشعلي في الماءِ نارا
وابدئيها زرقةً مخطوفةً من قبّةِ الكونِ
وطيري زورقاً في الابتداءِ الساحليْ
إن هذا الأُفقُ الممتدَّ حتى آخرِ الكشفِ
ازدهارٌ بابلي
وخذي البحرَ إلى أوّلنا
في النبضِ والأمداءِ نجني رؤى الأسماءِ
ماشئنا إلى آخرها
ونواري في الثرى هذا الدمارا
ولترفيّ موجةً فالعمرُ رعبٌ خانقٌ
والأمنياتُ انكسرتْ قلباً وداراً...
***
ها فضاءُ الفرحِ الراقصِ بدءُ الأغنياتْ
ودمُ الوصلِ سماءٌ لانبعاثاتِ الحياةْ
فابدئي ماشئتِ أو ماشاءَ طوفُ الأمنياتْ
وابرقي فوقَ امتداداتِ الجميعْ
إنها الدهشةُ تعطي حالها راعشةً بالأنجمِ
الزهرِ على مدِّ الربيعْ
واستردّي فسحةً للحلمِ، وامتدّي على شاطئِ
بركانٍ ربيعيٍّ فلا خوفَ على الأنهارِ في هطّلِ
التشظّي الخالدِ
واجعلي موطَنكِ الدافئَ ينسابُ على الماءِ
نهاراً لم يودّعْ بَعْدُ فجرَ المولدِ...
***
أطلقي نورسةً في الريحِ
فالموجُ كرومٌ لابتهاجاتِ القلوبِ الخافقه
وابدعي مدّكِ في الماءِ
ففي زرقةِ أحلامكِ أشجارُ الحياةِ المورقه
ها أنا أشعلُ شمساً في فم الوقتِ
وأُعطي فرحي
فلتكوني في رؤاهُ الفجرَ والسوسنَ
والزلزالَ في لحظتهِ المنبثقه
ولتضيئي ألقَ التاريخِ في هذا الجنونِ الوثني
ولنبرعمْ أملاً من خضرةٍ أولى
وأفقاً.. ودروباً لسهوبٍ عابقه...
***
أشرعي نافذةً للقبراتْ
وامنحيها حَبَقَ التحليقِ أنداءً وفمْ
واطلقي الأحلامَ كالأمواجِ
وانسابي حنيناً أبدّيا
ولنضمّدْ بعض ماينتابُنا من نكباتْ
ولنكوّنْ في المدى آلهةً للحبِّ
والحريةِ الطفلةِ
أو نفسحْ فضاءً أوليّا
كي يمرَّ الضوءُ من أعيننا الأولى
إلى ثلجِ القممْ...
***
إن هذا البحرَ يبدي نسغَهُ فينا قناديلَ حنينْ
فلنطوّفْ موجَهُ
ولننصهرْ في هبّةِ الإعصارِ كي لا يستكينْ
ليلكُ الأعماقِ نبعٌ أزهرَ النبضُ على أبوابهِ
وعلى فسحةِ بدءِ الطفّو في أحلامنا الأغلى
أضاءَ الياسمينْ...
***
نحن هذا الكونْ
يستلهمُ أمطارَ البداياتِ
وأنهارَ النهاياتِ
وقد هيّأَ للأولِ والآخرِ أزهارَ الزمانْ
نحن فيهِ الكامنُ المشرقُ في الروحِ
ومايبدعهُ شهدُ الأمانْ
فلتعيشي اليمَّ فالنارُ مع الماءِ وهذا الطينِ
بدءٌ لانبثاقاتِ المكانْ...
***
كيف لا نطلقُ خلفَ الريحِ أسرابَ الندى؟
كيف لا نُرجعُ للحبِّ النهاياتِ ولا نغدو ربيعَ المبتدا؟
أبداً نقطفُ دفءَ البحرِ
في هذا المدى...
***
أبدعي ماشاءَ هذا الاندهاشْ
ليس بحراً
ذلك الممتدُّ
حتّى المنتهى
من حولنا
لكنهُ : بعضُ ارتعاشْ...!
- فؤاد كحل