- خرجت صباحاً فاصطدم كتفي بكتف أول شخص قابلته بعد خطوات من سيري.
- عجينة من البشر بلا ملامح كأنها حيوان أسطوري, ذو مئات الرؤوس, مئات من الأذرع و السيقان.
- قليل من الهواء النقي يعيد الحياة لهذا الحيوان, فتنفصل جزيئاته و تسعى كل قدمين إلى حيث تريد.
- وجوه عابسة و عيون جامدة خلف الزجاج تنظر و لا تنبئك بما تريد. و أنا مثلهم جميعاً, ألقي عيناي جانباً و أضع مكانهما عينان حجريتان ثم أضعهما خلف الزجاج.
- يعود الحيوان الأسطوري للتجمع عندما تبدأ الشمس في الاستيلاء على النسمات الباردة, و تتسلط على مراكز الإحساس في رؤوس الحيوان
- ألملم جسدي المبعثر في كل مكان, و أعود فأصطدم بكتف آخر من ألتقي أثناء صعودي إلى بيتي.
- لا أدري هل اكتمل جسدي أم نسيت جزءاً منه في الشارع.
يوم آخر
- ما أحلى تلك النسمات التي تداعب أنفي عندما أضع عطري و أتزين.
- لون واحد يصبغ المشهد المترامي الأطراف في كل معالمه حتى عيناها.
- طيف شفاف كغلالة رقيقة تنطلق من بين الأنامل هرباً من الحر القاتل.
- دقات القلوب تعلن عن معركة حامية الوطيس بين جنود الحب و جنود الأبالسة السود.
- نهر كخيط بلوري بدأ يندفع إلى الأرض عندما عاد الطيف الشفاف إلى كفينا.
- تحول المشهد إلى لون آخر لا يشبه الأول إلاّ في عينيها اللتان غرقتا في هذا الخيط البلوري الذي يندفع نحو الأرض.
- قطعة من الطهر تلقيت فيها النهر و جففته.
- عاد النور مرة أخرى إلى الوجه و عاد اللون الأخضر للمشهد لمّا منح قلبي وعدا.
- عاد الطيف الشفاف للهروب مرة أخرى, لا من كفينا فقط و لكن من الدنيا كلها, فلم يعد له مكان.
- عدت و لم اصطدم هذه المرة بكتف أي أحد , لأني كنت بين السحاب أحلق.
يوم أخير
- خرجت اليوم غائب عن الحياة, تتحرك أقدامي دون إرادة مني, فلم أدر هل اصطدمت بكتف أحد أم لا.
- لم أر الحيوان الأسطوري اليوم, فلقد ترجلت إلى بنك العيون.
- العيون اليوم تخلت عن إطاراتها و زجاجها, بل جحظت و تساقطت على الأشداق.
- مر الوقت ثقيلاً جداً, لم أكتب كلمة واحدة.
- عدت و لم أجد شمس النهار في انتظاري, فلقد اكتشفت أن الوقت كان ليلا.
- صعدت درجات الحياة و توقفت عند درجة مكسورة في سلمي لم استطع اجتيازها.
- تذكرت وعداً قطعه قلبي, ثم نظرت إلى قدمي المكسورة بحسرة.
- معركة بين خلايا المخ انتهت بلا مبالاة.
- هل أنا الآن نائم أم مغيبٌ عن الوعي.
- أستطيع أن أجزم أن القبر قد فتح فاه لتوه مستعداً لالتهامي
- يد خضراء امتدت نحوي تساعدني على النهوض من قبري المظلم.
- يد أخرى تلوح بقنديل ضياؤه يشبه أشعة الشمس التي التهمها الليل الطويل.
- أيقنت ساعتها أنني أسير بعيداً عن الهلاك و في طريقي إلى الحرية.
- صحوت أخيراً من نومي مهدم البنيان, أتثاءب بكسلٍ شديد.
بقلم: أ. أحمد كمال نجم الدين