و كأن لا أحد يعترف بأن أحدهم نجح بمفرده! لا بد و أن يكون وراء النجاح أسباب أخرى غير الناجح نفسه! و الدليل مثلاً " وراء كل عظيم امرأة"، رغم أن المرأة وراء معظم الأشياء و ليس العظماء فقط! ناهيك عن معتقد عربي قديم بأن وراء كل شاعر جني يلقي عليه أبيات الشعر و ينظمها له، حتى أن قدماء العرب كانوا على دراية بأسماء بعض عائلات و أسر الجن، كعبقر مثلاُ، و لذلك نصف الرجل بأنه عبقري أي أن نسبه يرجع لعائلة عبقر، و يبدو أن تلك المسألة تقدمت و تبلورت لدى هواة النثر و محترفيه لتصبح وحياً! و لذلك قررت النزول بإحدى الفنادق باحثاً عن هذا الوحي طالما أنه لا يود البحث عني، و استلقيت على أريكة المساء و كلي شرود في تلك الفكرة إلى أن رحت في نوم عميق، و لما استيقظت وجدته أمامي!
و انتفضت من على الأريكة و أمسكت بكتفيه غير مصدق لما أرى! و لكنه بادلني تلك اللهفة بقلق و توتر و ريبة! و كي أقتل هذا القلق دعوته للجلوس و رحبت بقدومه المنتظر منذ زمن، و بعدها قلت له:
- آتني ما عندك!
و ما كان منه سوى أن هز رأسه مرتين كناية عن سوء فهم ما قلته، لذلك أعدت ما قلته بصيغة أخرى:
- أعني فكرة لمسرحية أو رواية أو أقصوصة! أي شيء!
لكنه هز رأسه مرتين كناية عن لا فهم لأي شيء، و لأن حظي كان أجمل مما توقعت اكتشفت أنه وحي أبكم! و الكارثة أنه لا يجيد لغة الإشارة، أو ربما لا أفهمها أنا، لذلك توصلت لحل لذيذ جداً، ألا وهو إعطائه ورقة و قلماً بعد أن كتبت له فيها:
- فكرة لشيء أكتبه!
لكنه قرأها و أعادها لي مشيراً إلي، أي أن هذا دوري أنا، لكني ألححت عليه أن يكتب المقدمة أو حتى العنوان و يترك باقي المسألة لي، و فرحت لما وجدته يتفكر في المسألة على مهل، و بعدها أشار لي بيسراه بعد أن ضم الإبهام على السبابة و الوسطى و حركهم سوياً عدة مرات كناية عن طلب ما تيسر من مال، و هنا رجعت للوراء متعجباً من دناوته و قلة حياءه! لكني أخرجت من حافظة نقودي ما يناسب أسلوبه الوقح و أعطيته إياه عسى أن تكون فكرته تساوي! و هنا سمعت دق باب الغرفة بضربات متتالية عنيفة، و بالسليقة رحت لأفتح الباب.. و إذا بأحد العاملين يقول:
- هنالك لص بالفندق! أرأيته!
لكني أجبته بالنفي، و لما عدت وجدت النافذة تجيب بالإيجاب.
- سلامة عبد السلام
9/5/2011