اليــابان وليــبيا على درجتى ريخــتر

نحن واليابان في قارة آسيا فاتجهت العيون إلى السواحل اليابانية، نحن وليبيا أعضاء في الجسم الواحد فبقيت القلوب مع المدن الليبية .. زلزالُ يابان رغم بلوغ قوته هذه المرة 8.9 ريختر، من الهزات الأرضية المعدودة جدا منذ 120 سنة بعد الهزة الأولى التي تجاوزت 8 درجات على مقياس ريختر عام 1891، ورغم مفاجأتها العالم هذه المرة بأعجوبة أقل الأرقام للخسائر البشرية، إذ وبعد مرور 12 ساعة على الزلزال المدمر، كانت الإحصائيات خجولة مقارنة بعضلات الزلزال، إذ وبعد مرور 12 ساعة على الزلزال كنا نسمع عن عدد القتلى واحد، ثم تسعة ثم إرتفع إلى 22 وأخيرا 32، طبعا أقصد مانجم عن الزلزال مباشرة وقبل آثار تسونامي!
وفي المقابل كانت الأرقام تعلو وتتعالى للقتلى والجثث في شوارع مصراتة والزاوية ورأس لانوف وغيرها من المدن الليبية، فكلنا أذن صاغية بعيون مكفهرّة، على إحصائيات كلما زاد لها من يرثي عليها من الناكثين والمنكوبين، زاد لها من الجانب الآخر من يفتخر بها من القاصفين والقاتلين، وفي تلك اللحظات المصدومة فاجأنا رئيس الوزراء الياباني (ناوتو كان) بخطابه المتلفز القصير الذي لم يتجاوز دقيقتان، وهو يركع امام الشعب والوطن، مقدما تعازيه للضحايا، "انا أطلق غرفة عمليات طارئة أرأسها بنفسي وأديرها بنفسي، بالتركيز على الأماكن السكنية وذلك للتقليل من الخسائر البشرية.!".

اليابانيون شعبٌ اعتاد على الزلازل في جبالها وسواحلها فخرج بأقل الخسائر، ورغم ذلك لم تتركهم الحكومة اليابانية لما بعد الزلزال من تسوماني وغيرها، وهل يحق لنا القول ان الليبيين ايضا شعبٌ إعتاد على الحمم والنيران، فنتركهم لقذائف القذافي.؟ وهم 6 مليون من الشعب الليبي في العراء، والعراء بمعنى انهم تحت سقوف لاتحميهم من نيران القصف الوحشي، كما كنا قد تركنا يوما الشعب العراقي لمدافع صدام ودباباته وطائراته، إلى أن انكشفت لنا القبور الجماعية فأنكشفنا للعالم .. فماذا على الشعب لليبي أن يعمل .. هل ينتظروا الى ان تدخل عليهم الدبابات الأمريكية من الخارج، ام ينتظروا المهدي المنتظر من الداخل.؟

إن كان التباطؤ يوما في حق الشعب العراقي خطأ، وعولج بخطأ آخر، بالسماح للتدخل الأجنبي، الذي حول العراق الى مسرح على هامان يا فرعون، فلماذا التأخير عن إتخاذ قرار عربي موحد بشأن ليبيا الشقيقة، ألا تخشون الرياح قد تحول اللُّحمة الليبية الموحدة الى مليشيات الكرّ والفرّ، بتوليد روح المنافسة بين فرق الهزائم والإنتصارات، التي كثيرا ما روجت لها في الحروب الطاحنة بين الأشقاء بإنتصارات كلاسيكية، تتبعها إنسحابات تكتيكية.!

كان أولى بهذا التنبؤ بالصومال الليبي على لسان نجل القذافي سيف الإسلام، وتوصيف القذافي لملايين الشعب اللييبي بالجرذان، ان تحرك الجامعة العربية أن تفكر إن كانت تفكر لتحرك ساكنا، وجاء قرار وزراء خارجية دول مجلس التعاون أيضا صائبا وحكيما بما حمل في اجتماعيه في أبوظبي والرياض على التوالي وبالتضامن إزاء ما يحدث في ليبيا، فيما أعلنوه الوزراء من عدم شرعية النظام الليبي القائم، وضرورة إجراء اتصالات مع المجلس الوطني الانتقالي.

وكان وزراء خارجية دول مجلس التعاون، قد تدارسوا آخر المستجدات الجارية في ليبيا، حيث أعربوا عن إدانتهم للجرائم المرتكبة ضد المدنيين باستخدام الأسلحة الثقيلة والرصاص الحي وتجنيد مرتزقة أجانب، وما نتج عن ذلك من سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين الأبرياء، مما يشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، داعيا جامعة الدول العربية إلى تحمل مسؤولياتها باتخاذ الإجراءات اللازمة لحقن الدماء وتحقيق تطلعات الشعب الليبي، ودراسة السبل الكفيلة لتحقيق ذلك، بما في ذلك دعوة مجلس الأمن الدولي لفرض حظر جوي على ليبيا لحماية المدنيين.

بعد هذا القرارالخليجي بالإجماع، وما سبقته ولحقته من قرارات دولية، من حلف ناتو والإتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي، واجتماع وزراء الدفاع الأوروبي في بروكسل، اليس من حقنا بعد كل هذا ان نقول للجامعة العربية ان لاتخاف، وان تفكر اكثر مما تصفق، وتحقق اكثر مما تفكر، لتنطلق دون تردد، وبيقين ان من يدخل القبر لايخرج منه ابدا الا في يوم القيمة، فعليك بليبيا ودنياها إن كان على الله بأخراها.

النهـــــــــــــــاية

  • أحمد إبراهيم (كاتب إماراتي)
  • ورئيس مجلس إدارة مجموعة يوني بكس العالمية
  • U N I P E X I n t e r n a t I o n a l (ui)
    www.unipexTRADE.com
    ui@eim.ae

5 تعليقات

  1. نزار بهاء ـ دمشق13 مارس, 2011 15:53

    كم انت رائع يا استاذ احمد مقالاتك دوما ما تجسد الواقع

    ردحذف
  2. مارياااااااااااااااااااا13 مارس, 2011 15:53

    مقال ممتع وجميل تسلم أياديك

    ردحذف
  3. أصيل ـ أبها13 مارس, 2011 15:54

    شكراً جزيلاً لكم لعرض مقالات هذا الكاتب المبدع ربط عجيب ومفارقة غريبة ابدعت بارك الله فيك استاذ أحمد

    ردحذف
  4. إياد الصنعاني13 مارس, 2011 15:55

    اسمحوا لي باقتباس هذا: إن كان التباطؤ يوما في حق الشعب العراقي خطأ، وعولج بخطأ آخر، بالسماح للتدخل الأجنبي، الذي حول العراق الى مسرح على هامان يا فرعون، فلماذا التأخير عن إتخاذ قرار عربي موحد بشأن ليبيا الشقيقة، ألا تخشون الرياح قد تحول اللُّحمة الليبية الموحدة الى مليشيات الكرّ والفرّ، بتوليد روح المنافسة بين فرق الهزائم والإنتصارات، التي كثيرا ما روجت لها في الحروب الطاحنة بين الأشقاء بإنتصارات كلاسيكية، تتبعها إنسحابات تكتيكية.!
    ......
    مقال لمن يفهم كل الشكر والمحبة

    ردحذف
  5. نديم الليل13 مارس, 2011 18:21

    عجيب هذا القذافي حكم 42 عاما رغم انه لا يملك عقليه تؤهله لذلك
    تحياتي ايها المبدع

    ردحذف
أحدث أقدم