ليبيا جميلة، شعبها كريم، أجوائها نقية، سواحلها ثرية، مزارعها غنية.. لعل (الدقلة) الليبية من أجود أنواع التمور التي أكلتها في حياتي ولم تنافسها الدقلة التونسية الشهيرة، والضيف الزائر من شدة ما يستأنس به الليبيون ينادونه آنست ليبيا يا أخا العرب
لا يوحيكم العنوان، أنه إفتراضي يضع الكاتب نفسه في ليبيا إفتراضيا ليكتب من هناك إفتراضيا، لا والله إنها الحقيقة، إنني كنت من باب الصدفة أول إماراتي زار الجماهيرية الليبيية الشقيقية ثلاث مرات على التوالي أيام الحصار الدولي عليها في التسعينيات، فدخلتها من بوابة راس الجدير البرية مع تونس، وزرتها جوا عبر جزيرة جربة، ثم وأخيرا عبر جزيرة مالطا بحرا.
وليكون ضميري صادقا مع نفسي وغيري أضعك أمام سؤالين لتستشفّ الجواب من لبّ المقال: (يا ترى ماذا فعلت بك الحكومة الليبية بكل طبقاتها أيها الزائر؟.. ثم وماذا فعل بك الشعب الليبي بكل فئاته في زياراتك الأولى والثانية والثالثة على التوالي؟).
واقولها صادقا حالفا باليمين، والله إني ما وجدت من ليبيا والليبيين إلا خيرا، بل ومن الحدود الى الحدود كانت النظرة الليبية الى المواطن الإماراتي ترحيبية تمتزج بها رحابة صدر معهودة، ليس على أنه مواطن إماراتي جاءنا بجواز سفره الإماراتي فحسب، بل وأيضا لأنه مواطن عربي جاءنا بحفنة دولاراته ليشم رائحة الجماهيرية سائحا، وأيضا لأنه مسلم عربي جاءنا ليصلي معنا في مساجدنا، وليقرأ معنا القرآن نفسه الذي كنا نقرأه في بيوتنا ومساجدنا.
غسلت هذه السفرات من مخي بعض ما كان زرعه كاتب عربي لا سامحه الله في السبعينيات، ان الليبيين لديهم الكتاب الأخضر وليس القرآن، وانهم بين الصفا والمروة يهرولون متأبطين بهذا الكتاب، وفي السعي والطواف يرددون منه، وان الحياة في ليبيا إشتراكية، لا يستطيع الإنسان ان يمشي في شوارعها على رجلين، ولا يحبو فيها الرضيع ولا الدواب على أربع، ولا حتى الديدان والجرذان إن كانت تزحف على بطونها فوق أراضي الجماهيرية العربية الليبية الإشتراكية العٌظمى! ليبيا جميلة، شعبها كريم، أجواؤها نقية، سواحلها ثرية، مزارعها غنية.. لعل (الدقلة) الليبية من اجود انواع التمور التي اكلتها في حياتي ولم تنافسها الدقلة التونسية الشهيرة، والبرتقال الليبي من شدة الحلاوة يسمونه الليبيون (الحلو).. والرُمّان الليبي حدث ولا حرج، والضيف الزائر من شدة ما يستأنس به الليبيون ينادونه آنست ليبيا يا أخا العرب.
إذن الليبيون ليسوا من كواكب أخرى، ولا عبدة الكهنوت أو حملة كتب سماوية أخرى، إنهم ونحن من حملة ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه، وإنهم في أزمة هذه الأيام، وأمام سؤال له شقان، لا ندري أيهما أصعب عليهم وعلينا: "ليبيا ماذا تعمل مع الجماهير الناطقة، وهل عليها إسكاتها؟ والجماهيرية ماذا تعمل باللوحات العالقة وهل عليها إسقاطها..؟ وكلاهما شأن داخلي ليبي نرجو لها ختم العافية بالسلام والأمان بهما وبغيرهما.
ولكني اجيب على سؤال لاحقني أينما اتجهت في معظم الأقطار العربية، ولماذا المواطن الإماراتي يلقى فيها معاملة خاصة وترحيبا حميما؟ لأنني وكما أسلفت، وفي سفرتي الأولى العام 1993 الى ليبيا برا من تونس وكنت بصالة المطار، واذا به يرتب على كتفي وهو في العقد الخامس عمره، وانا في العقد الثالث، قال لي هل حضرتك من الإمارات؟ وما ان وجدني أهز رأسي لأقول نعم، وإذا به يمسك بساعدي يقودني الى مكتبه، واتضح الرجل هو المدير العام لمطار قرطاج الدولي، وقال "عرفت من لهجتك أنك إماراتي، وأنتم أفضل الشعوب، وأنتم أفضل الناس، وبلدكم أحسن بلد عربي".. ولاقيت في نفس الرحلة بالرجل الثاني بميناء طرابلس الدولي في ليبيا، يعاملني نفس المعاملة ويردد على أسماعي نفس الكلمات.! إنهما اسطوانتان متكررتان، لأنني كنت قد سمعتهما في الثمانينيات بالحرم الجامعي لليرموك بإربد في الأردن، وبعد ذلك بعامين من مدير المكتبة العامة بجامعة دمشق.
وما زلت أجد الإسطوانة ذاتها بمرادفاتها تتردد على اسماعي كلما اتجهت بحقيبتي وجواز سفري إلى قطر عربي بين الأقطار الخليجية وشقيقاتها العربية من بلاد الشام الى شمال إفريقيا.. يا ترى ماذا قدمت الإمارات لتحفر هذا المجد في أذهان الشعوب والحكومات تجاه المواطن الإماراتي اينما اتجه بحقيبته الدبلوماسية أو المتواضعة؟
من يقرأ بين السطور، يجد الاجابة من أحداث كوسوفو إلى ليبيا، ما ان سُمعت انين الجرحى في بنغازي وطرابلس إلا والمضمدون شدو الحزام في أبو ظبي ودبي، ها هي توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- من خلال مؤسسته للأعمال الانسانية بتقديم مساعدات عاجلة لأبناء الشعب الليبي الشقيق المتضررين من الأحداث الراهنة.
ثم وما ان تجاوزت الأحداث حدود العقل والحكمة مسببة الأضرار المادية والبشرية الا ودولة الامارات تدين بشدة أعمال العنف والقتل وتدمير مقدرات الشعب الليبي على لسان وزير خارجيتها منددة بتدمير مقدرات الشعب الليبي، ودعت الخارجية الاماراتية مجلس الأمن الدولي إلى التدخل السريع لوضع حد لإراقة الدماء وأعمال العنف وللتحقيق في الأحداث وكشف ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الأعمال الوحشية، كما وتقدمت الخارجية الاماراتية في ختام بيانها بخالص العزاء والمواساة للشعب الليبي الشقيق وأسر الضحايا والمصابين".
ولعله النداء الثالث خلال اليومين الفائتين ما نشرته الصحف الاماراتية في افتتاحيات الجمعة ان خليفة يوجه بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة للشعب الليبي، وتلتها الخارجية الإماراتية بالبيان التالي: "تتابع وزارة الخارجية بقلق بالغ تطورات الأحداث في الجماهيرية الليبية الشقيقة.. وإذ يروعها ما يتعرض له الشعب الليبي الشقيق فإنها تدين بشدة أعمال العنف والقتل وتدمير مقدرات الشعب الليبي وتطالب السلطات الليبية بالتوقف الفوري عن استخدام القوة والعمل على حقن الدماء".
ثم "وتدعو وزارة الخارجية مجلس الأمن الدولي إلى التدخل السريع لوضع حد لإراقة الدماء وأعمال العنف وللتحقيق في الأحداث وكشف ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الأعمال الوحشية". وأخيرا "تتقدم وزارة الخارجية بخالص العزاء والمواساة للشعب الليبي الشقيق وأسر الضحايا والمصابين".
ثم وأخيرا لا أريد ان أفترض نفسي إماراتيا في ليبيا لأفترض ماذا كانت الامارات قد فعلت لي ان استغثت من هناك؟ لأنها الإمارات سبّاقة دائما بسجلها الإنساني الحافل تجاه الازمات، كانت أزمة بيروت بحرب تموز 2006، فكانت الامارات لها قبل ذلك بنزع الألغام وبعد ذلك لإخلاء الاماراتيين وغير الاماراتيين من مطحنة بيروت، وهكذا الامارات مع الصومال، ومع كوسوفو وافغانستان.
وإن كان أبزر الشواهد العينية وأقربها هي مستشفى الإمارات الخيري المتنقل في البصرة بالعراق، فلا تقل عنها ما تحلق الفضاء في أية لحظة متجهة الى بنغازي وطرابلس، ليس إلاّ.. لأنها هكذ الامارات وحكام الإمارات فهكذا شعب الامارات.
- أحمد إبراهيم…كاتب إماراتي
- للتواصل: ui@eim.ae
- صفحة الكاتب في الفيسبوك
نشكر الكاتب على كل كلمة قالها في حق الشعب الليبي ويعلم الهه اننا في ليبيا ﻻ نحب الدماء وﻻ التدمير والدمار ولكن وفي اعتقادتي البسيط ان دفع الله الناس قد وصلنا لحكمة يعلمها هو ونسأل الله ان تكون عاقبتها الخير
ردحذفالأستاذ العزيز / صلاح الدين
ردحذفأهلاً وسهلاً بك ، وشكراً جزيلاً للتعليق،،،
والله إن قلوبنا مع إخوتنا في ليبيا .. أسأل الله لهم الأمن والأمان والحرية والرخاء .. وإن شاء الله تعدي هذه الأزمة على خير يا رب ..
تحياتي
شكرا للكاتب العزيز هذا الكاتب عقليه رائعة
ردحذفشكرا من الاعماق
ردحذفكاتب رائع ، كتاباته جميله جدا
ردحذفشكرا على المقاله.. مقاله للاقتناء والطباعة اشكركم وفقك الله
ردحذفمقال في غاية الروعة ، انا سعودية احب الشعبين الاماراتي والليبي نحن كعرب لا فرق بيننا كالجسد الواحد بارك الله فيك ايها الكاتب الرائع وسدد الله على طريق الخير خطاك
ردحذفتحية لك يا اخي الغالي
ردحذفسلمت يداك
بارك الله فيك
ردحذفالي عجبني في الموضوع حسن وصفك و توضيحك لأهل و شعب ليبيا الشقيق و في نفس الوقت عجبني تمجيدك لما عملته دولة الإمارات تجاه كل ما يحصل في الوطن العربي. اللهم اجمع شمل المسلمين ووحد كلمتهم يا رب.
ردحذفنعم المقال و القائل،، نعم لقد حظيت بزمالة و صداقة بعض الاخوة الليبيين و أقول الحق أنهم نعم الرجال الاكارم،، ما زالت شيم العرب و المسلمين فيهم و لله الحمد ،، اما دولة الامارات بنت لها موقع و تحترم من جميع الدول لحسن خلق حكامها و نهج سياستها الخارجية المبنية على الاحترام المتبادل و هذا ما عزز سمعة الاماراتي في اي مكان حل. و لقد سمحت لي السلطات الفرنسية مرة و كذلك سلطات مطار النمسا ايضا دخول البلد لمدة يوم بدون ان أحمل تأشيرة زيارة لانني كنت في طريقي لدولة أخرة ، سمح لي لانني كما قيل لي بأنني أحمل الجنسية الاماراتية.
ردحذفو في هذا الصدد نرفع ايدينا لله بأن يلطف بحال اخواننا اللبيين و ان ينعموا بالسلام قريبا باذن الله تعالى.
سعيد الشامسي
أخى الفاضل:
ردحذفحقا مقالك يستحق كل التقدير والاعزاز ونحن بحاجة ماسة للكثير من هذة المقالات الرائعة لكى نذلل كل المفاهيم الخاطئة عن بقية شعوبنا العربيه حفظها الله وجمع شمل العرب والمسلمين اجمعينز
أخى الفاضل:
ردحذفحقا مقالك يستحق كل التقدير والاعزاز ونحن بحاجة ماسة للكثير من هذة المقالات الرائعة لكى نذلل كل المفاهيم الخاطئة عن بقية شعوبنا العربيه حفظها الله وجمع شمل العرب والمسلمين اجمعين.