من مذكرات سلامة

search

أبواب

هي جزء من أجزاء يومي، ابتداء بباب غرفتي و انتهاء به، محايدة و هادئة، يندر أن يذكرها أحد، ربما نذكر عدد الحجرات لكننا لا نذكر عدد الأبواب إلا لو كانت الغرفة واحدة، كالسيارة مثلاً، الأبواب لها شروطها الخاصة و هي أول من يخضع لها، فمنا من يقدر على فتح باب غرفته بركلة قدم، لكنه يعجز عن فتح كل الأبواب عنوة، لأن للأبواب شروط، هل جربت عد الأبواب المارة بيومك؟ هل جربت فهمها بعقلك بعد أن أدركتها بحسك و عينك و قبضة يدك؟ هل جربت التعامل مع الأبواب الأخرى التي لا نجد بيننا و بينها سوى العتاب؟ كأبواب الأمل و الحظ و الظروف؟ صدقني لها أبواب و لها شروط.. حتى أذنك لها أبواب.. رغم أن حاسة السمع ليست كالإبصار.. لا نقدر على إغلاقها إرادياً.. لكننا نجيد انتقاء المسموع و نحدد ما يعبر منها لقلوبنا و من لا يعبر.. الأبواب لم توجد فقط لأننا نطالب بالمزيد من الخصوصية و نرغب في درجة أعلى من الأمان.. بل لأننا كذلك لنا شروط.. و لكي نفهم تلك الشروط علينا أن نطرق الباب مرتين و نبتعد خطوتين و نبتسم.. ربما يجيب وقتها أحدهم و يسمح لنا بالمرور.. المهم..

 

لم تكن ثرثرة


في سكن العزاب تجد العجب، فإذا فتحت الثلاجة مثلاً على سبيل محاولة البحث عن شيء يؤكل، ستجد كيساً مغلقاً كتب عليه اسم صاحبه كي لا تظن أنه على المشاع، أما في الحمام فحذاري أن تنسى أي متعلقات شخصية حتى لو كانت فرشاة أسنان.. المهم.. كان الجميل يومها أنه يوم عطلة، و الأجمل أنني الوحيد الذي لديه إجازة يومها، يعني وحدة و راحة بال و استجمام، و عندما فتحت الباب يومها وجدته يتابع التلفاز.. خير.. يبدو أن الأمور لن تسير كما حسبتها.. على العموم سأحاول الاستمتاع بيومي قدر ما استطعت، لكنه عندما رآني رحب بي بشكل زائد و دعاني للجلوس، و بعدها بدأ بالحديث عن أموري، كيف كانت و كيف أصبحت، و منها انتقل لأموره، و بعدها لابنته التي اشتاق لها و طلبت منه هدية لم يفهمها يجلبها لها معه عندما يعود، ثم انتقل لكرة القدم رغم أني لست من متحمسيها.. ثم اكتشف بعدها أنني لم أغسل وجهي بعد و لم أفطر، فعرض الكثير من طعامه المحفوظ بالثلاجة و كيفية طبخه.. و الكارثة أن سنه كبير نسبة لسني، و احترام حديثه واجب، و دفعه كبر سنه و احترامي له على اللإسهاب في تاريخه المهني، و تمكنه من عمله و حال الدنيا.. أنا فقط بحاجة لشيء من الاستجمام كي أرتب أوراق حياتي ثانية لكن لا فائدة.. علي الاستماع لثرثرة منقطعة المثيل.. و بعد أن أوشكت كلماته على النفاد أعطاني عصى التحكم كي أنتقي ما يروقني.. لكنها مسألة لا أجيدها.. فاختار هو ما ظن أنه يروقني.. و عندما بدأنا المتابعة تذكر أنه كان من المقربين من بطل الرواية.. و أنه من صمم له ديكور شقته المطلة على الكون.. و بعدها انتقل لمشاهير آخرين و أخريات.. أنا بحاجة لراحة لا أكثر.. و عندما بدأ رفقاء السكن في العودة واحداً بعد آخر شعرت بانتهاء يومي و أن أملي قد خاب.. و عندما قام صاحبنا ليروح للحمام هجمت على أحد الساكنين و سألته هامساً:
- ماله؟ أرهقني بحديثه! أليس لديه عمل يروحه؟
فرد بشكل عادي جداً و هو يغير ملابسه قائلاً:
- لقد أصيب بمرض شديد يمنعه من العمل و هو يعالج الآن على نفقة الدولة.

  • سلامة عبد السلام
    18/2/2011
    Solo_450@hotmail.com

إرسال تعليق

أحدث أقدم