ص ب يعني صندوق بريد.. و الحكاية أنني في حالة ترقب و ارتياب و انتظار لرسالة مهمة منذ فترة، و بشكل يومي صرت أتفقده لكن للأسف الشديد لا رسالة هناك و لا حتى ظرف بريدي فارغ، و مع الأيام تملكني شعور بشيء من الحرج و السذاجة أمام حارس البناية العتيقة و زوجته و أولاده الذين لا أعرف أسماءهم و لاعددهم... و بصراحة و لا أشكالهم.. فمسألة أن يلج المفتاح شخص في مثل سني و هيئتي في صندوق بريده الخاص يومياً و يغلقه كما كان دون أن يعثر حتى على عنكبوت لأمر يبعث على السخرية و التساؤل و إثارة الأقاويل و الإصابة بتصلب في الشريان التاجي.. و كحل لتلك المشكلة قررت تفقد الصندوق على حين غفلة منهم.. و بعد أن فشلت قررت تفقده كل ثلاثة أيام.. و بعد أن طال انتظاري و تورمت خيبتي اجتاحتني الشكوك و الظنون بأن أخينا الحارس يسرق رسائلي.. هو أو زوجته التي تهوى التلصص على كل شيء... أو ربما أولاده الصغار الذين لا بجدون سوى العبث بما ليس لهم.. أو ربما والله كلهم! لكن كيف لرجل لا يقرأ أن يسرق ما هو مكتوب! أو لزوجة من لا يقرأ أن تقرأ؟ أو لصغار لا يبلغ طولهم صندوق بريدي فتحه و إغلاقه كما كان دون أن يشعر أو يعرف أحد؟ ثم أن الصناديق كثيرة و أرى أصحابها يتفقدون رسائلهم و يعودون غانمين! فقط صندوقي هو المسروق المنهوب الوحيد؟ و كيف سمحت لنفسي منذ البداية بالاسترسال لكل تلك الأخيلة و الهواجس عديمة النفغ معدومة العائد! أنا الموظف المحترم المشغول المسئول.. المهم.. تجاهلت الأمر لفترة و امتنعت عن تفقد الصندوق و ظل الشغف يلتهم روحي لتفقده.. و في يوم من الأيام صادف نزولي قدوم ساعي البريد.. و حاولت أن أتجاهله لكني فشلت.. و على عجلة سألته إن كان هنالك ما هو مسجل باسمي، لكنه أجابني كما توقعت نافياً، و بعد أن سرت خطوتين متبرماً أضاف و سيجارته تتدلى من شفتيه:
- بمقدورك أن تذهب لمصلحة البريد... ربما تأخر تسليمه أو عجزوا عن تحديد وجهته!
و تركته يقلب رسائله و انطلقت بسيارتي لمصلحة البريد... و أمامها أوقفت السيارة و أطفأت محركها و أغلقت النافذة.. و نظرت للمرآة الأمامية كي أتأكد من أنني تركت مساحة كافية لخروج من صف سيارته خلفي.. و بعد أن تأكدت التقت عيناي بوجهي.. ثم سألتني:
- ممن تنتظر الرسالة؟
فأجبت باعداً عيني عني:
- لست أدري.
- سلامة عبد السلام
- 7/1/2011
كاتب جميل جداً قرات لك بعض المقالات هناك الحقيقة للمرة الاولى التي اقرا لك فيها لكنك بارع اسجل اعجابي
ردحذف