صخورالنفط ورمال السياسة



” عبد الله الطريقي “
متى وأين سمعت باسم هذا الرجل ؟
لا تتعب نفسك فلن تتذكر !
ولا تلقي بالأمة على ذاكرتك ولا تلم نفسك على قلة الاطلاع ، فقد أمتدت يد النسيان ألى ذكراه واصبح نسياً منسي بعد ما كان له من صولات وجولات في الساحة الدولية ، فبتصريح بسيط منه كانت تهوي أسعار النفط ألى أسفل سافلين أو تحلق ألى عنان السماء كان من تلك الشخصيات التي بتحركه يصنع الأخبار، جرب وحاول تصفح أحد مقررات التاريخ المدرسي لجميع المراحل لن تجد له ذكر من قريب ولا من بعيد وكذلك وسائل الأعلام । لم يصدر طابع بريد يحمل صورته كنوع من التكريم وطابع البريد ذي المساحة الصغيرة يحمل رسالة كبيرة فهو يسافر ألى أرجاء المعمورة ، كذلك لم يتم مثلاً أطلاق اسمه على أحد قاعات المحاضرات أو احد الشوارع ، وما يسري عليه يسري على غيره من الرجال والنساء الذين احدثوا فرقاً في حياتنا وتاريخنا بالرغم من انه يعود الفضل ألية بعد الله فيما نتقلب فيه من نعم صباح مساء ،حتى هذا الكتاب والذي أنا بصدد عرضه لم يسمح بنشره ألا منذ وقت قريب ।
فمن هو هذا الرجل ؟
انه عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن بن عبدالله الطريقي
من مواليد مدينة الزلفي لعام 1918م _ 1337هجرية _ توفاه الله سنة 1997 م في مدينة القاهرة
تلقى أول دروسه في القرآن الكريم في مسجد مدينته ثم درس في الكوبت ثم عاش فترة من الزمن في الهند ثم درس الابتدائية حتى أنها المرحلة الجامعية في أرض الكنانة (جامعة الملك فؤاد ) جامعة القاهرة حالياً بكلية العلوم حيث تخصص في الكيمياء والجو لوجيا ثم أن الملك عبد العزيز ابتعثه ألى أمريكا وتحديداً مدينة أوستن في ولاية تكساس ليكون أول مبتعث سعودي ألى أرض العم سام .
وهنا تبرز فطنة الملك عبد العزيز ، فقد كان كبار مدراء الشركات التي كانت تنقب عن النفط عند ألقاء مع الملك لبحث أمور التنقيب والأسعار يشرقون ويغربون ويدخلون في الأمور الفنية لهذه الصناعة ثم يعطفون بالقول ” أن جلالتكم فارس لا يشق له غبار في ميدان السياسة لكن أمور النفط شيئاً آخر ” فعرف الملك أنه يتوجب أن يكون لديه القدرة على معرفة أسرار هذه الصناعة .
ولو قدر للأمريكان أن يعلموا الغيب لما قبلوا تعليم هذا الفتى والذي سوف يسبب لهم الكثير من الضربات الموجعة ، وكان أولها بعد عودته وعمله مراقباً على حسابات الحكومة السعودية من مداخيل شركة أرامكو ، فقد كانت الشركة تبيع النفط ألى الشركة الأم بسعر يقل عن السعر الفعلي ويتم حساب المداخيل بهذا السعر المتدني بينما تقوم الشركة الأم ببيعه بأسعار السوق ، ثم أن الشركة كانت تحرق الغاز لكي تصل ألى الزيت وهذا هدر ما بعده هدر ، لكن الطريقي كان لهم بالمرصاد حتى كان من أهم أنجازاته النجاح في الوصول لنسبة المناصفة والتي مكنة الحكومة من الحصول على حقوقها كاملة .
كان هذا على المستوى المحلي أما على المستوى الدولي فقد كان له الفضل في تأسيس منظمة من أكبر المنظمات الدولية (منظمة الدول المصدرة للبترول ) ” أوبك” ثم قام الملك سعود بتعينه كأول وزير للنفط في السعودية وبعد تسلم الملك فيصل مقاليد الحكم قام بعزله وهنا أود أن اقف عند قرار العزل هذا ، لقد جرت العادة أذا ما أراد الملك عزل احد الوزراء لأي سبب كان أن يتم ذلك برفع الوزير طلب ألى المقام السامي يلتمس فيه أعفائه من منصبه لكن الأمر أختلف مع الوزير الطريقي فقد كان ذي هوى ناصري و من المؤيدين لسياسة الرئيس المصري جمال عبد الناصر صاحب الفكر الاشتراكي وعلاقته مع الروس الملحدين كذلك لا ننسى أنه أتى للسلطة بعد قيامه بقلب نظام الحكم الملكي كل هذه الأفكار كانت تدور في فكر الملك فيصل فكان عزل الطريقي رسالة لكل من حول الملك في الداخل والخارج .
قام الطريقي بنفي نفسه طوعاً وألقى عصاة ترحاله في بيروت حيث عاش هناك ردحاً من الزمن واصدر مجلة البترول الشهرية الصدور تحت شعاراً ” بترول العرب للعرب ” والكتابة ليست جديدة على الطريقي فمن خلال تنقيبك عبر سيرة هذا الرجل من خلال هذا الكتاب سوف تجد رجلاً ذا فكر ثاقب ورئوية مستقبلية نافذة ، مثل أفكارة حول العراق فقد صعقت من تحقق ما توقعه وكذلك أفكاره حول وجوب تبني الصناعة وليس الزراعة وقد أثبتة الأيام صدق تصوره .
لقد قمت بعرض القليل وأمامك الكثير من صفحات هذا الكتاب البالغ 607 صفحة من المتعة المطلقة والفخر ، فأرجو لك المتعة والفائدة
بقلم خالد الزهراني

إرسال تعليق

أحدث أقدم