* بانوراما العاشق المتحوّل:
سأحاولُ نسيانَ المتكسّرِ في ردهاتِ الروحِ،
وما أبقتْ عيناكِ مِنَ الأوهامِ عليّ
سأحاولُ أنْ أبدو في السربِ كأيِّ العشّاقِ الحمقى،
وسأبذلُ أكثر ممّا يطلبهُ الوقتُ الآجرُّ...
من الرجل المتماهي فيّ
وسأبكي دون بكاءٍ حينَ يريدُ اللونُ،
وأمشي عكسَ الريحِ إذا شاءتْ عيناكِ،
وأبدو منسجمَ الأشياءِ قويّ
لكنّي محترقٌ...
مهزومٌ...
في عصر وثنيٍّ يتكسّر في ليلٍ وثنيّ
لا الشاطئ ينكرني فأموتُ،
ولا الموجاتُ البيضُ تغادرني كي أبكي البحرَ،
وأبكي ساحلكِ الذهبيّ
سأحاولُ نسيانَ المتبقّي من لغةِ التأويلِ،
وطقسَ الممنوعِ الشهويّ
وسأبدو كالشجرِ المحروقِ قوياً ساعةَ تبتدئُ الضحكاتُ،
وأبدو مستتراً وهميّ
ياسيدةّ الوقتِ المحمولِ على الذكرى..
في ليلةِ تجديفٍ شتويّ
لا أملك في هذي الساعاتِ سوى فوضى الكلماتِ،
وفوضى اللونِ،
وبعض الشاحبِ والورديّ.
فدعيني أرحلُ قبلَ وصولِ الصحبِ...
دعيني أختتمُ الفصلَ المتبقيّ من مأساة العصرِ..
فقد ذابَ الرجلُ الشمعيّ
vvv
* ابتهالُ الأنقاض:
هلْ كانَ بغيرِ دخولكِ شاطئَ روحي..
ينفجرُ الينبوعْ؟
وبغيركِ لن تزدانَ نوافذُ وقتي..
لن يتوضّأ بالعطر العصفورُ ،
ويدخل في الشفقِ الممنوعْ
هذا قدرُ الضوءِ الباقي في قوسِ رؤانا..
فلتهدأْ أصواتُ الداخل فينا،
ولنعبرْ هذا الجسرَ المقطوعْ
فقريباً تبتدئ الاشياءُ مسيرتها..
فلندخل قدّاسَ الشهواتِ كطيرينِ ارتفعا في المطلقِ...
ذاتَ خشوعْ
ولنغرقْ في حدقاتِ الليل قليلاً...
علّ شتاءً يهطلُ في الروحِ الثكلى...
علّ الأنقاضَ تضوعْ
ولتبدأْ موجتنا في هذا الطافح ثانيةً...
فالنهرُ على مرمى قمرٍ،
والزهرُ جموعْ..
vvv
* فضاء آخر للعشق:
في أرضكِ تعشب روحي..
تعلو أشجارٌ،
ويفورُ الماءْ
تختالُ عصافيرٌ ،
وتموجُ ظباءْ
في أرضكِ تبتدئُ الخطواتُ السيرَ بعيداً...
حتى تحترق الطرقاتُ،
وتومضُ أشرعةٌ،
ومساءْ
في أرضكِ واحةُ عطرٍ...
تدعوني لرحيلٍ في الأطيافِ..
أوانَ يعودُ الطيرُ من الفلواتِ وحيداً..
ذاتَ شتاءْ
وأحبّكِ في زمنِ الفوضى ياسيدّة الوقتِ الورديِّ...
أحبُّ الغامضَ في هذا التيّارِ،
وأعرفُ أنّ مياهَكِ دافئةٌ،
والأرضَ سماءْ
وأحبّ لديكَ تغيّرَ لونِ الأشجارِ...
أحبُّ الصمتَ...،
وتلكَ الأشياءَ الأشياءْ
في أرضكِ واحةٌ ألوانٍ والعالم منفى،
ولديكِ الخبزُ...
لديكِ الماءُ،
وبضعة أطيارٍ بيضاءْ
ياسيّدة الآتي إنّي أحتاجكِ..
فانهمري كالبرقِ على جهتي،
وتأنّيْ...
فالروحُ خواءْ
vvv
* لهاث الضفاف:
لا تقتربي من نهرِ الممكنِ فيَّ،
وعودي للشطِّ المتكسرِ،
والذكرى..
لن تعترفَ الأصواتُ بهذا اللونِ...
فما جدوى الصرخاتِ وهذا العالم نامَ...
على طرف المجرى؟
عودي من حيث أتيتِ،
ولمّي أشرعة الآتي...
فالبردُ مقيمٌ في الأنحاءِ،
وألف سؤالٍ منحسرٍ...
بل ألف معلّقةٍ أخرى
لابدّ لشيءٍ فينا أنْ يخبو...
أنْ يبقى العشّاق الآن هنا في السفحِ قليلاً...
قبلَ تهبَّ الريحُ،
وتكسرَ فينا المنكسرا
لا تقتربي من نهر أنيني
في ذاتِ اللونِ المحروقِ
وذاتِ الأضواءِ السكرى
وتماهي في حلمي قمراً..
إنْ صارَ العالم آنيةً تتقاذفها الأحلامُ،
ولاحَ المنفى ثانيةً،
تعمّق فينا
وانحسرا.
vvv
* رؤى على ضفاف السكون:
ياسيدّتي...
في داخلنا يتكسّر بللورُ اللغةِ الأولى..
تتحطمُ أزمنةُ النارنجِ،
وتحتضرُ الصلواتْ
في داخلنا يتحوّلُ ذاكَ الأخضرُ...
تذبلُ كلّ مساحاتِ الرؤيا...
تتبدّلُ ذاكرةُ الكلماتْ
ياسيدّتي...
من يذكرني لو غبتِ على شطِّ الضحكاتِ،
وغابتْ في الروحِ الضحكاتْ
تتبعثرُ ذاكرتي...
تتأرجحُ جدران الآتي،
ويموتُ النهرُ هناكَ وحيداً..
في قاع اللحظات...
في داخلنا تتكاثرُ أغصان الصفصافِ..
تهبّ رياحٌ باردةٌ...
والصيفُ بلا جهةٍ...
تتقاذفهُ الأصواتُ الذابلةُ الأصواتْ
هلْ يوجدُ فينا مايكفي لمسيرة عشقٍ..
لو ظمئتْ فينا الشطآنُ،
ودارتْ دورتها الساعاتْ؟!
هل توجدُ في هذي اللحظاتِ على جهةِ الأحزانِ..
سوى الدمعاتْ؟!
لا تقتربي فالروح سعيرٌ،
واقتربي فالموتُ حياةْ.
vvv
* تحت جنحِ الكلام:
مازلتِ كعصفور،
والصبحُ هنالكَ يدخل قدّاسُ الكلماتْ
ولأنك ذاكرةُ التيّار...
أحاولُ أن أرسو في برّكِ ثانيةً،
وأحاورُ فيكِ الذاتْ
هل تمطرُ فينا أروقةُ النسيانِ،
ويومضُ فينا قوسُ الحزنِ،
وقد غابتْ أطيافُ الوردِ،
ونامَ الجسرُ على ضوضاءِ الفكرةِ،
وانحسرَ الآتي.
والعالمُ ماتْ؟!
ويكونُ العاشقُ منتظراً أشياء الليل الأغبر...
في وضحِ الطرقاتْ
وأمامي مملكةٌ من منثور الضحكاتِ تهلُّ..
كما الناياتْ
عينانِ كبحرٍ مرتحلٍ،
والماءُ مواتٍ للإبحارِ فما معنى التلويحِ،
وتلكَ الأعماقُ انسكبتْ..
في ساقيةِ الهمساتْ..؟!
مامعنى أن نتلمّسَ فينا الشاطئَ...
مادمنا سنعومُ أخيراً..
في ماءِ القبلاتْ؟!...
vvv
* أشياء المطر:
الليلةُ باردةٌ،
والريحُ على بُعْدِ امرأةٍ ونهارْ
والضوءُ قليلٌ في جنباتِ الوقتِ،
وبعضُ نثارْ
ماذا في السرِّ..؟!
أجبني يا هذا المتبدّل فيَّ...
فإنيّ محترقُ الأمطارْ
وشفاهي يابسةٌ،
والخوف يداهمني في ليلةِ ثلجٍ حارقةٍ،
والروحُ أوارْ
ماذا لو أسلمني التذكارُ لذاكَ النهرِ،
وجاءتْ في السرِّ الأشجارْ؟!
وتكسّرَ موجُ اللحظةِ فوقَ صخورِ الحلمِ،
وعادتْ في البردِ الأطيارْ؟؟!
ورأيتكِ سيدّتي في هذا القفرِ سؤالاً...
تبلعهُ في الصمتِ النارْ
وأفاقَ العالمُ ،
واشتدّتْ أشيائي حزناً،
واحترقتْ في الطيرِ الدارْ
والليلةُ باردةٌ،
والريحُ على بُعْدِ امرأةٍ ونهارْ؟!
vvv
* ملامح أخرى لوجه غارب:
في الساعةِ قبل الثانيةِ انطفأتْ أضواء الروحِ،
وسارَ الليلُ وحيداً في بيداءِ الروحْ
لم تزهرْ نافذةُ النارنجِ..
بقيتُ أميلُ وتنكرني الأشياءُ..
إلى أن لاحَ سؤالٌ آخرُ،
وابتدأتْ أوجاعُ النهرِ تلوحْ
في ذاكَ الصبحِ المسمومِ..
المذبوحْ
vvv
* خاتمة ثانية:
ولأنّ حديقتكِ ازدانتْ برفوفِ العنبرِ والياقوتْ
وأضاءتْ مثلَ قناديلِ الذكرى،
وتفتّحَ داخلها المكبوتْ
تتجدّدُ في الروحِ الهمساتُ،
وتطلعُ داليةٌ في أقصى الليلِ،
ويولدُ نهرٌ من نهرِ القبلاتِ،
وبعضُ الظلِّ يموتْ
في دائرةِ الأطيافِ،
وتومضُ أقواسٌ زرقٌ...
في بضعِ بيوتْ...
والعاشقُ مرتحلٌ مابين الضفةِ والأخرى،
والماءُ سؤالْ
مَنْ يطلقُ موج الصيفِ،
ولا يأتي،
والزهرُ تلالْ؟!
ولأنّ حديقتكِ ازدانتْ برفوفٍ من قُبَلٍ،
وظلالْ
لابدَّ لروحي مِنْ سفرٍ في المطلقِ...
ذاتَ شمالْ.
vvv
* سؤال في البياض:
لا الآتي يفتحُ نافذتي لأطلّ عليكِ كما العشّاق،
ولا الماضي...
يتحطّمُ في بهوِ التذكارْ
وككلّ المهزومين أحاورُ فيكِ الموجةَ...
علّ الماءَ يملُّ النارْ
وأحاور فيكِ الصمتَ..
فعلّ نهاراً يولدُ ذاتَ نهارْ
وتظلُّ الأشياءُ الأشياءَ..
يظلُّ لهاثي عاصفةً،
والرملُ هو الرملُ الأزليُّ،
وأنتِ هناكَ سؤالاً من أرقٍ،
ونشيدَ هزارْ
vvv
* فاتحة اللون:
فيروز تغنّي،
والألوانُ تجوبُ فضاءَ الصبحِ،
وهذي القهوةُ دافئةٌ كيديكِ،
وصمتي يدخلُ قدّاسَ الشهواتْ
والعالمُ قوقعةٌ في ساحلِ خوفٍ...
أدركها حرّاسُ الليلِ...
فنامتْ في قفصِ الموجاتْ
ولأنّكِ قوسُ حنينٍ في زمن التجديفِ إلى المجهولِ،
ورجمِ الذاتْ
أبكيكِ،
وأبكي فيكِ خواءَ الحلمِ،
وحزنَ الضّفة في نهرِ الساعاتْ
فيروزُ تغنّي في ساعاتِ الحلمِ الأبيضِ..
أدركُ أنَّ شتاءً يَقْطُرُ داخلَ روحي..
أنّ الصبحَ مسافةُ أغنيةٍ،
ويدٌ تمتدُّ إليَّ وقد غامتْ أغصانُ الحلمِ،
وغابَ العالمُ في الأحزانِ،
وماتْ
- محمود نقشو