فوضى معاصرة

3857344681_49239e311f_o

* بانوراما العاشق المتحوّل:‏

سأحاولُ نسيانَ المتكسّرِ في ردهاتِ الروحِ،‏

وما أبقتْ عيناكِ مِنَ الأوهامِ عليّ‏

سأحاولُ أنْ أبدو في السربِ كأيِّ العشّاقِ الحمقى،‏

وسأبذلُ أكثر ممّا يطلبهُ الوقتُ الآجرُّ...‏

من الرجل المتماهي فيّ‏

وسأبكي دون بكاءٍ حينَ يريدُ اللونُ،‏

وأمشي عكسَ الريحِ إذا شاءتْ عيناكِ،‏

وأبدو منسجمَ الأشياءِ قويّ‏

لكنّي محترقٌ...‏

مهزومٌ...‏

في عصر وثنيٍّ يتكسّر في ليلٍ وثنيّ‏

لا الشاطئ ينكرني فأموتُ،‏

ولا الموجاتُ البيضُ تغادرني كي أبكي البحرَ،‏

وأبكي ساحلكِ الذهبيّ‏

سأحاولُ نسيانَ المتبقّي من لغةِ التأويلِ،‏

وطقسَ الممنوعِ الشهويّ‏

وسأبدو كالشجرِ المحروقِ قوياً ساعةَ تبتدئُ الضحكاتُ،‏

وأبدو مستتراً وهميّ‏

ياسيدةّ الوقتِ المحمولِ على الذكرى..‏

في ليلةِ تجديفٍ شتويّ‏

لا أملك في هذي الساعاتِ سوى فوضى الكلماتِ،‏

وفوضى اللونِ،‏

وبعض الشاحبِ والورديّ.‏

فدعيني أرحلُ قبلَ وصولِ الصحبِ...‏

دعيني أختتمُ الفصلَ المتبقيّ من مأساة العصرِ..‏

فقد ذابَ الرجلُ الشمعيّ‏

vvv‏

* ابتهالُ الأنقاض:‏

هلْ كانَ بغيرِ دخولكِ شاطئَ روحي..‏

ينفجرُ الينبوعْ؟‏

وبغيركِ لن تزدانَ نوافذُ وقتي..‏

لن يتوضّأ بالعطر العصفورُ ،‏

ويدخل في الشفقِ الممنوعْ‏

هذا قدرُ الضوءِ الباقي في قوسِ رؤانا..‏

فلتهدأْ أصواتُ الداخل فينا،‏

ولنعبرْ هذا الجسرَ المقطوعْ‏

فقريباً تبتدئ الاشياءُ مسيرتها..‏

فلندخل قدّاسَ الشهواتِ كطيرينِ ارتفعا في المطلقِ...‏

ذاتَ خشوعْ‏

ولنغرقْ في حدقاتِ الليل قليلاً...‏

علّ شتاءً يهطلُ في الروحِ الثكلى...‏

علّ الأنقاضَ تضوعْ‏

ولتبدأْ موجتنا في هذا الطافح ثانيةً...‏

فالنهرُ على مرمى قمرٍ،‏

والزهرُ جموعْ..‏

vvv‏

* فضاء آخر للعشق:‏

في أرضكِ تعشب روحي..‏

تعلو أشجارٌ،‏

ويفورُ الماءْ‏

تختالُ عصافيرٌ ،‏

وتموجُ ظباءْ‏

في أرضكِ تبتدئُ الخطواتُ السيرَ بعيداً...‏

حتى تحترق الطرقاتُ،‏

وتومضُ أشرعةٌ،‏

ومساءْ‏

في أرضكِ واحةُ عطرٍ...‏

تدعوني لرحيلٍ في الأطيافِ..‏

أوانَ يعودُ الطيرُ من الفلواتِ وحيداً..‏

ذاتَ شتاءْ‏

وأحبّكِ في زمنِ الفوضى ياسيدّة الوقتِ الورديِّ...‏

أحبُّ الغامضَ في هذا التيّارِ،‏

وأعرفُ أنّ مياهَكِ دافئةٌ،‏

والأرضَ سماءْ‏

وأحبّ لديكَ تغيّرَ لونِ الأشجارِ...‏

أحبُّ الصمتَ...،‏

وتلكَ الأشياءَ الأشياءْ‏

في أرضكِ واحةٌ ألوانٍ والعالم منفى،‏

ولديكِ الخبزُ...‏

لديكِ الماءُ،‏

وبضعة أطيارٍ بيضاءْ‏

ياسيّدة الآتي إنّي أحتاجكِ..‏

فانهمري كالبرقِ على جهتي،‏

وتأنّيْ...‏

فالروحُ خواءْ‏

vvv‏

* لهاث الضفاف:‏

لا تقتربي من نهرِ الممكنِ فيَّ،‏

وعودي للشطِّ المتكسرِ،‏

والذكرى..‏

لن تعترفَ الأصواتُ بهذا اللونِ...‏

فما جدوى الصرخاتِ وهذا العالم نامَ...‏

على طرف المجرى؟‏

عودي من حيث أتيتِ،‏

ولمّي أشرعة الآتي...‏

فالبردُ مقيمٌ في الأنحاءِ،‏

وألف سؤالٍ منحسرٍ...‏

بل ألف معلّقةٍ أخرى‏

لابدّ لشيءٍ فينا أنْ يخبو...‏

أنْ يبقى العشّاق الآن هنا في السفحِ قليلاً...‏

قبلَ تهبَّ الريحُ،‏

وتكسرَ فينا المنكسرا‏

لا تقتربي من نهر أنيني‏

في ذاتِ اللونِ المحروقِ‏

وذاتِ الأضواءِ السكرى‏

وتماهي في حلمي قمراً..‏

إنْ صارَ العالم آنيةً تتقاذفها الأحلامُ،‏

ولاحَ المنفى ثانيةً،‏

تعمّق فينا‏

وانحسرا.‏

vvv‏

* رؤى على ضفاف السكون:‏

ياسيدّتي...‏

في داخلنا يتكسّر بللورُ اللغةِ الأولى..‏

تتحطمُ أزمنةُ النارنجِ،‏

وتحتضرُ الصلواتْ‏

في داخلنا يتحوّلُ ذاكَ الأخضرُ...‏

تذبلُ كلّ مساحاتِ الرؤيا...‏

تتبدّلُ ذاكرةُ الكلماتْ‏

ياسيدّتي...‏

من يذكرني لو غبتِ على شطِّ الضحكاتِ،‏

وغابتْ في الروحِ الضحكاتْ‏

تتبعثرُ ذاكرتي...‏

تتأرجحُ جدران الآتي،‏

ويموتُ النهرُ هناكَ وحيداً..‏

في قاع اللحظات...‏

في داخلنا تتكاثرُ أغصان الصفصافِ..‏

تهبّ رياحٌ باردةٌ...‏

والصيفُ بلا جهةٍ...‏

تتقاذفهُ الأصواتُ الذابلةُ الأصواتْ‏

هلْ يوجدُ فينا مايكفي لمسيرة عشقٍ..‏

لو ظمئتْ فينا الشطآنُ،‏

ودارتْ دورتها الساعاتْ؟!‏

هل توجدُ في هذي اللحظاتِ على جهةِ الأحزانِ..‏

سوى الدمعاتْ؟!‏

لا تقتربي فالروح سعيرٌ،‏

واقتربي فالموتُ حياةْ.‏

vvv‏

* تحت جنحِ الكلام:‏

مازلتِ كعصفور،‏

والصبحُ هنالكَ يدخل قدّاسُ الكلماتْ‏

ولأنك ذاكرةُ التيّار...‏

أحاولُ أن أرسو في برّكِ ثانيةً،‏

وأحاورُ فيكِ الذاتْ‏

هل تمطرُ فينا أروقةُ النسيانِ،‏

ويومضُ فينا قوسُ الحزنِ،‏

وقد غابتْ أطيافُ الوردِ،‏

ونامَ الجسرُ على ضوضاءِ الفكرةِ،‏

وانحسرَ الآتي.‏

والعالمُ ماتْ؟!‏

ويكونُ العاشقُ منتظراً أشياء الليل الأغبر...‏

في وضحِ الطرقاتْ‏

وأمامي مملكةٌ من منثور الضحكاتِ تهلُّ..‏

كما الناياتْ‏

عينانِ كبحرٍ مرتحلٍ،‏

والماءُ مواتٍ للإبحارِ فما معنى التلويحِ،‏

وتلكَ الأعماقُ انسكبتْ..‏

في ساقيةِ الهمساتْ..؟!‏

مامعنى أن نتلمّسَ فينا الشاطئَ...‏

مادمنا سنعومُ أخيراً..‏

في ماءِ القبلاتْ؟!...‏

vvv‏

* أشياء المطر:‏

الليلةُ باردةٌ،‏

والريحُ على بُعْدِ امرأةٍ ونهارْ‏

والضوءُ قليلٌ في جنباتِ الوقتِ،‏

وبعضُ نثارْ‏

ماذا في السرِّ..؟!‏

أجبني يا هذا المتبدّل فيَّ...‏

فإنيّ محترقُ الأمطارْ‏

وشفاهي يابسةٌ،‏

والخوف يداهمني في ليلةِ ثلجٍ حارقةٍ،‏

والروحُ أوارْ‏

ماذا لو أسلمني التذكارُ لذاكَ النهرِ،‏

وجاءتْ في السرِّ الأشجارْ؟!‏

وتكسّرَ موجُ اللحظةِ فوقَ صخورِ الحلمِ،‏

وعادتْ في البردِ الأطيارْ؟؟!‏

ورأيتكِ سيدّتي في هذا القفرِ سؤالاً...‏

تبلعهُ في الصمتِ النارْ‏

وأفاقَ العالمُ ،‏

واشتدّتْ أشيائي حزناً،‏

واحترقتْ في الطيرِ الدارْ‏

والليلةُ باردةٌ،‏

والريحُ على بُعْدِ امرأةٍ ونهارْ؟!‏

vvv‏

* ملامح أخرى لوجه غارب:‏

في الساعةِ قبل الثانيةِ انطفأتْ أضواء الروحِ،‏

وسارَ الليلُ وحيداً في بيداءِ الروحْ‏

لم تزهرْ نافذةُ النارنجِ..‏

بقيتُ أميلُ وتنكرني الأشياءُ..‏

إلى أن لاحَ سؤالٌ آخرُ،‏

وابتدأتْ أوجاعُ النهرِ تلوحْ‏

في ذاكَ الصبحِ المسمومِ..‏

المذبوحْ‏

vvv‏

* خاتمة ثانية:‏

ولأنّ حديقتكِ ازدانتْ برفوفِ العنبرِ والياقوتْ‏

وأضاءتْ مثلَ قناديلِ الذكرى،‏

وتفتّحَ داخلها المكبوتْ‏

تتجدّدُ في الروحِ الهمساتُ،‏

وتطلعُ داليةٌ في أقصى الليلِ،‏

ويولدُ نهرٌ من نهرِ القبلاتِ،‏

وبعضُ الظلِّ يموتْ‏

في دائرةِ الأطيافِ،‏

وتومضُ أقواسٌ زرقٌ...‏

في بضعِ بيوتْ...‏

والعاشقُ مرتحلٌ مابين الضفةِ والأخرى،‏

والماءُ سؤالْ‏

مَنْ يطلقُ موج الصيفِ،‏

ولا يأتي،‏

والزهرُ تلالْ؟!‏

ولأنّ حديقتكِ ازدانتْ برفوفٍ من قُبَلٍ،‏

وظلالْ‏

لابدَّ لروحي مِنْ سفرٍ في المطلقِ...‏

ذاتَ شمالْ.‏

vvv‏

* سؤال في البياض:‏

لا الآتي يفتحُ نافذتي لأطلّ عليكِ كما العشّاق،‏

ولا الماضي...‏

يتحطّمُ في بهوِ التذكارْ‏

وككلّ المهزومين أحاورُ فيكِ الموجةَ...‏

علّ الماءَ يملُّ النارْ‏

وأحاور فيكِ الصمتَ..‏

فعلّ نهاراً يولدُ ذاتَ نهارْ‏

وتظلُّ الأشياءُ الأشياءَ..‏

يظلُّ لهاثي عاصفةً،‏

والرملُ هو الرملُ الأزليُّ،‏

وأنتِ هناكَ سؤالاً من أرقٍ،‏

ونشيدَ هزارْ‏

vvv‏

* فاتحة اللون:‏

فيروز تغنّي،‏

والألوانُ تجوبُ فضاءَ الصبحِ،‏

وهذي القهوةُ دافئةٌ كيديكِ،‏

وصمتي يدخلُ قدّاسَ الشهواتْ‏

والعالمُ قوقعةٌ في ساحلِ خوفٍ...‏

أدركها حرّاسُ الليلِ...‏

فنامتْ في قفصِ الموجاتْ‏

ولأنّكِ قوسُ حنينٍ في زمن التجديفِ إلى المجهولِ،‏

ورجمِ الذاتْ‏

أبكيكِ،‏

وأبكي فيكِ خواءَ الحلمِ،‏

وحزنَ الضّفة في نهرِ الساعاتْ‏

فيروزُ تغنّي في ساعاتِ الحلمِ الأبيضِ..‏

أدركُ أنَّ شتاءً يَقْطُرُ داخلَ روحي..‏

أنّ الصبحَ مسافةُ أغنيةٍ،‏

ويدٌ تمتدُّ إليَّ وقد غامتْ أغصانُ الحلمِ،‏

وغابَ العالمُ في الأحزانِ،‏

وماتْ‏

 

  • محمود نقشو

إرسال تعليق

أحدث أقدم