" ليس لي إلا الذي كان لِغيري
وترٌ يصمتُ
أو يروي الذي كان و فات
و لِهذا حينما تأتين يا عشتار
يا سادنة الأشعار
نقشا في جروحي
خاتماً من فضّة ِ القلبِ
يفضُّ اللحن أسرار الجهات.. "
***
يبتدي الفجرُ بتغريبة حزنٍ
و نشيدٍ راحلٍ نحو انتشاءات جديدة
و احتمالٍ لِحساسين تغنِّي
و انتثار الياسمين الغضِّ في أبيات شعرٍ
ربّما همهمها يوماً غريبٌ راحلٌ بالصوتِ
و الشوقُ ترانيمَ نهاراتٍ مجيدة
كلُّ ذاك الأفق في نسغي و لا تأتين إلا
عندما ينعتقُ الأفق فنضحي بدناً مرتبكاً
بالشوقِ مذهولاً تواتيه السُحُب
لغة الحمّى تعيد الشعرَ مرسوماً
- كما في لثغة البدْء- تضاريسَ تعب -
بدناً مرتبكاً بالحرفِ
لا يعرفُ إن مرّ به الصوتُ أ كانَ الملتقى
ظلَّ دوحٍ يعربي الحزن؟
كان الوقتُ نارنجاً بِغرناطةَ؟
أم نخلاً بِسامراء؟
أم سدراً بأوبارَ انتصب؟
أرز قرطاجة؟ أو لبنان إذ قدموس جاء ؟
ربما جوز سمرقند ؟ و درّاق حلب؟
***
مدنٌ دانت لها الدنيا و كانت لي الملاعب
عشقـَتـني طفلةًً تلهو على همس النوافير
و عادت صهداً صمتاً الى رملِ الحقب
***
" ليس لي إلا الذي كانَ لِغيري .. "
مدنٌ تعزفُني أوتارُها شوقاً يشاغـب
هي غابت و رمَتني في صدى خطو القوافل
مدنٌ غابت و ما زلتُ أناجيها
كأن القلب لا يفهم أن المجد راحل
كلّما يأفل بدرٌ أترجّاه هِلالاً يتفاءل
و إذا تحتفل ُ الأقمارُ حلمي
تضحك الأوتارُ من عصفِ سكوني
كلّما مرّت على ألوان حلمي
خُلتُها تهتفُ : " كوني .. !
لكِ تشتاق احتشادات السواحل
لكِ إغواء المدى المسحور في همس المراكب
حيثما تسترسل الريح و تغضي عن أنين الروحِ
عن أشرعةِ الشوقِ و ألوان الغياهب .. "
***
ليس لي إلا ..
تباريحٌ تضيئ الآن أجواء زماناتٍ بعيدة
من جوى روحي .. و تـبعد
كلّما قلتُ لها هاتي خفاياك تردّ ّد
لكِ أسراري.. لكِ الأذنُ .. لك الصوت .. فبوحي
ترتدي بحّة صوتي في تباريح القصيدة
و تناديني إلى موتي فتحييني
أواسيها و تهرب ..
***
إنما أطلبُها فيّ حياةً تتسرمد
مدنٌ كانت و غابت
ترتديني و تعيد الصوت
أوتار التواشيح الجديدة
حلما تغزله عشقاً ربيعيا أغرّاً كي أعيده
عاشقاً يرتادُ إعصارَ الزمرد
ذلك المجنون جلجامسش مسكونٌ بِـِطَيفي
باحثاً عن دانة الخلد الفريدة
عاشقاً يبحث في ترحال أهدابي
عن السر الذي خبأّه سـِفر احتيارات الحقب
مدناً كانت لأجدادي العرب.
***
ليس لي غير الذي كان لغيري
وترٌ يصمتُ أو يروي الذي كان كان و فات
و لهذا حينما تأتين يا عشتار
نقشاً في جروحي
خاتماً من فضة القلب
يفضُّ اللحنُ أسرارَ الجهات
***
ليس لي غير الذي كان
زمانٌ ينتضي بوحي .. و يبقى
إنما أقرا اسمي ألقاً ترسمه كفٌ تهب ..
***
أنتِ يا حاملة السرَّ أنا
أنتِ يا أنشودة الأكوان ‘
يا ترنيمة الماءِ .. أنا .
أنت أنا
لو سمحتِ الآن أن ينعتق الغيم بـِِسرّي
يسكنُ الوجدُ تبوحين و أصغي
فـتغـنّيني ،
أغـنـّيكِ
نغـنِّي مدناً كانت
و ما زالت تعاويذا بنسغي
***
صوتُ مَن يرفد صوتي عندما ينبجسُ الآن بعمقي؟
ها أنا أنفضه غضّاً كما يعبق في القلب
انتشاء الياسمين الليلك الليل الدمشقي
***
لا تردّيني :
أنا لا أعرف الدانَ .. و شوق الدانِ
لا أعرف آذار .. ولا أعرف نيسان الذي
يجترح الزهرَ من الموتِ
و لا تمّوز في القلب كـَجمرٍ يلتهب
أنا لا أعرف أيلول الذي يبكي على باب السحب
أنا لا أبكي سوى تاريخ أمـّي
امرأة مرّت بآثارٍ رواها نبعُ "ديلمن"
ثم لا أبكي سوى حين يأجّ القمر القاسي
على الأطلال يستاف انعكاسات شظاياها البددة
فأعذريني
أنا منها .. و أنا أنتِ
فـَلُمِّيني إليك.
***
ربما أعرف "جلجاميش" وجهاً
نابضاً يوماُ على بستان حلمٍ متمرّد
حاشدٍ في مدن الحلم السعيدة
ربما نقطف عشقاً ناضجاً مؤتلقاً
سرَّ اكتمال البدرِ .. أو
تهليلة الرمان في الصدر
احتفال التين و التفاح .. أشواق العنب
ربما نقتسم الأفق مع الدنيا البعيدة
و أغـنـَّّـيها حقول القمح أو غاب قصب.
آه لو تدركني الآن القصيدة
لأريها كيف صوتي
يبدأ الدنيا و ينهيها بأنواء شريدة.
آه لو تدركني الآن لأسقيها جراحاتي
و تسقيني . إذا ما انتشت الدنيا
أناديها لأكوانٍ من الدانِ فريدة
***
" ليس لي إلا الذي سوف يكون .."
و أنا أنت فهلا جئت ياسيدة الأوتار
كي يهجعَ جلجاميش أو يرتاح مهيار الدمشقي
يرتوي الخيـّام شجواً من شجوني
و امرؤ القيس يعيد الشعر مأسوراً بأحلامي إليك
تعرفين الخطوَ محموماً
و ليس الخطوُ إلآ رقصات الشوق
أو في القلب ومضٌ لاحتفالات الأهلـّة
تحتفي أحلام " أوروك" بأطيافك
كالفضة في لمع سرابات اللجين .
***
أنت تأتين بأحلامي ..
و تمضين سريعاً
لا تروحي
أيقظي " أوروكَ" في صخب تباريحي
اسكنيني ..
كي نكون…
- د.ثريا العريض
- من ديوانها القادم !!
رائع ما تكتبينه أستاذة ثريّا..نابض بلحن الحياة وقداسة الأحلام
ردحذف