وطنٌ موسمي ؟
جاءَ .. موسمَ شوقٍ إلى المستحيل
حلماً يتجسّد عبر الزمن
..
تساءلتُ : أنتَ الوطن؟
..
قال : .. بالاسمِ ..
في الحلمِ..
لكن تظلين طيفاً وراء الحدود
و تبقى النوارس للزمهرير
يرسِّخ فيها انشطار الزمن..!
*
كان وجهي حروفا من العشق
إسمي شراعاً يسافرُ.. منه إليه
حلمي انعتاق الطفولة بين يديه
أنغام نايٍ بصمت المساء
و لوني.. الضياء
يشعُّ و يُعتِمُ في مقلتيه..
..
تساءلتُ: أنتَ الوطن؟
..
قالَ: تدرينَ .. بعض الجذور
يذوِّبها الملحُ.. يمتصها الرملُ
أو قد يكون البكاء
و الزمان يدور..!
قديماً عرفنا مواسمَ عشق الأيائل
و للغيثِ موسِمُهُ..
للرياحِ مواعيدها..
و للخصب ِ واحاتُهُ..
و حداءُ القوافل
تموجُ به الريح
فاتحة الأفق في سفرٍ سرمديّ
*
قلتُ: ليس الوجودُ مكاناً.. زماناً ..لقاء..
ليس الوجودُ سؤالَ ابتداءٍ
جواب انتهاء.
لِنكن موسماً للخلود..
وطناً أزليّ..
لِيكن حلمُنا انهمارَ بقاء
سورة الانتماء
لنكن .. فرحاً
و قصائد عشقٍ و عشبٍ و ماء
لِتكن أنتَ فيءَ الوطن..
*
قالَ: بين الفصول أجيئُك..
أو أنت تأتينَ
إطلالةً لِلخُزامى..
وطناً موسميّ..
الأرض رملٌ يحاصرنا..
و رياح شتاء
تتكثفُ ليلَ هموم ..
قد نحاولُ أن نعبرَ المستحيل..
و لكنّني لا أظنّ ..!
لم يكن للقوافل أرضٌ تدوم!
*
قلتُ: .. لكنهم وعدوني
مجيئَك قبلَ ابتداء الزمان
و ما حدّدوا موعداً لللقاء
كالبذور التي لا تموت
مواسمُ عمرٍ جديد
نظلُّ شراعاً يحنّ ..
قد يكون الرحيل
و تبقى عيون الحبيب وطن
هي سرُّ الخلود
أرّخته القوافل في أغنيات الجدود
و الموج يكتب اسمك
أعرف أنّك أنت الوطن
*
و تبقى المرافئ واعدةً باللقاء ..
قد يكون بِومض النجوم
بِالتماعِ الشواطئ ..
خفقِ الخطى في الرمال..
بارتعاشِ النخيل..
بأي صباحٍ جميل..
بأي مساء..
تموتُ الجذور ...؟
و تحيا.. إذا ما الربيع يعود..!
*
تشرّبَ في الصمتِ همسَ الرياح
و انتشى بالغناء..
و حدّق في الرملِ تخضرُّ أحلامُه
و ارتوى .. و استكان..
و ما قالَ شيئاً..
ما قال شيئاً
تلاشى كما الطيف بين ظلال المكان.
*
و انتظرتُ
طويلا .. طويلاً
بصمتِ شتاء طويل
أن تعيد القوافلُ صوت الحداء..
و يعود الزمان الجميل
*
بكلِّ صباحٍ جديد .. تمرُّ النوارسُ
ترسمُ أجنحةً و فضاء
و تعشق لون الصباح
و تنثر مثلي رذاذَ السؤالِ على الماء
و الشواطئُ صامتةٌ
تتنصَّتُ و الريح ملءَ رمال البِطاح
تردّد هاجس َ حلمٍ عنيد
سؤالاً ملحَّاً بكل الشرايين
يلهثُ .. لا يستكين:
".. وطنٌ ؟ ..
و يهاجر..؟
يصمت فيه الحنين؟
وطنٌ ..؟
و لا اسمَ..؟ غير حفيف الرياح..؟
و التماع سرابٍ بعيد.." ؟
*
و يهمس سربُ النوارسِ:
" حين تجيئين..
تهتزُّ كلُّ جذوع النخيل..
يعود الصدى بزمان النشيد..
..
حين تجيئين..
تحملُهُ للربيع مواسمُ خصبٍ جديد..
..
هناكَ رأيناهُ
نرقبُه في جنون المساء ..
لم يزل يتلهّفُ
اسمَكِ
ومضَ حروفٍ على الماء ..
يعشقها من بعيد..
و ما زلتِ أنتِ له..
و أنتِ بِهِ
وطناً من خيال
بدون حدودٍ
بدون قيودٍ
بدون سؤال
شعر: ثريا العريض