كثيرا من الأحايين لا نلتقت إلى الجنود المجهولين في مجتمعنا ومؤسساتنا الخدمية، بل لا تلتفت إلى الإيجابيات باعتبارها نتيجة طبيعية بالرغم من التحديات القائمة.
والأمن بمفهومه الشامل، لايمكن تجزأته، أو معالجته من خلال الضبط الأمني والجنائي فقط، فعندما نتحدث عن أمن منطقة الرياض، تبرز لنا عناصر خارجة عن صلاحيات الجهاز الأمني، وتشكل في الوقت ذاته عبئا وضغطا كبيرين على العمل الشرطي، وأعني هنا تداعيات تأثير أعمال الأجهزة الأخرى على الأمن الاجتماعي، مثل وزارة العمل، الشؤون الاجتماعية، رعاية الشباب، لجهة ارتفاع معدل البطالة، ومستوى الفقر، والهجرة إلى العاصمة، وكذلك تداعيات الفراغ بين أوساط الشباب، وارتفاع حجم مشكلة المخدرات التي تشكل المحرك والمحفز الرئيس لقضايا السرقة والسطو واستخدام السلاح وترويج المخدرات وارتفاع مستوى الجريمة.
خلال أيام رمضان المبارك عايشنا صحفيا واقع عمل شرطة منطقة الرياض على الأرض، لضبط أمن مدينة يقطنها 5 ملايين نسمة، غالبيتهم شباب، نصفهم من النازحين من مناطق المملكة المختلفة، ومعهم مليونا أجنبي ينحدرون من مئة دولة تقريبا، بكثافة سكانية تبلغ 4600 فرد في الكيلو متر الواحد، وبعدد وحدات سكنية تصل إلى مليون وحدة سكنية تقريبا.
ليبرز للمراقب الموضوعي حجم التحديات من جهة وحجم الجهود والمنجزات الأمنية من جهة أخرى، للكوادر الوطنية في شرطة منطقة الرياض، التي تستحق منا جميعا الاحترام والتقدير.
فقد عايشنا إعلاميا عمل نخبة من القيادات الأمنية الميدانية خلال شهر رمضان، فوجدنا فطورهم في شوارع المدينة، وسحورهم في أحياء الرياض المكتظة، حتى وان لم يرصدهم المواطن والمقيم، عبر السيارات الرسمية أو الملابس العسكرية، بإشراف ومتابعة كبيرين من اللواء النشط عبدالله الشهراني مدير شرطة منطقة الرياض، الذي ينطلق من تجربة أمنية ثرية، ويستند على طاقة حيوية على مدار الساعة، في متابعة وقائع ومستجدات المنطقة.
نعم، هناك وقائع أمنية يومية في العاصمة، سطو، سرقة، قتل، وهذا الأمر طبيعي في أدبيات الإجرام وحياة العواصم والمدن الجاذبة، التي تعج بالحراك الاقتصادي والاجتماعي والعمالي، لجنسيات من مختلف أنحاء العالم، ولكن الموضوعية هنا تفرض علينا أن نثمن ونقدر جهود أبنائنا وإخواننا الذين يسهرون لحراسة الرياض الكبيرة، بمنشآتها ومؤسساتها وساكنيها، حتى أصبحت الرياض وفق المعدل العالمي مدينة آمنة.
وعمليا، لايمكن أن تطلب من الجهاز الأمني، معالجة مشكلة البطالة والفقر والشباب، أو أن يكون أمام كل منزل أو مركبة، رجل أمن، إذ لم يكن هناك ثقافة رفيعة للأمن الاجتماعي، تنمي الحس الأمني في كافة الأحياء، وتجتث البيئات المولدة للجريمة، فمواجهة الأعراض الجانبية من خلال الضبط الجنائي فقط، لن يعالج الأمراض المزمنة، التي تفرز السلوكيات الخارجة على القانون، والتي بحاجة إلى برنامج وطني شامل، اجتماعيا وأسريا واقتصاديا، لتخفيف العبء على الأجهزة الأمنية.
الكاتب: خالد بن فيصل الفرم
فعلاً يالها من تحديات...
ردحذف