تشهد مصر ظاهرة لا يتم التعرض لها على نطاق واسع وهي المعاكسات التليفونية حيث يتزايد عدد النساء اللائي يشكين من تلقي مكالمات غير مرغوبة من قبل متحرشين من رجال لم يلتقين بهم أبداً.
وتلقت إحدى الصحافيات في مصر عدداً من مكالمات المعاكسات بعضها في وضح النهار والآخر في منتصف الليل ورغم أنها لم تبد أي تشجيع للمتصل إلا أنهم ليسوا بحاجة إلى تشجيع. وذلك وفقاً لموقع بي بي سي أرابيك.
"ما اسمكِ؟" سؤال طرحه متكلم مجهول استخدم خاصية تحول دون الكشف عن رقم المحمول المتصل، وكرر سؤاله بإلحاح وإصرار عجيبين.
أقر مجلس الشعب المصري تشريعاً يفرض عقوبات مشددة على التحرش الجنسي وقد يواجه المدانون بأنهم يمارسون المعاكسة الهاتفية غرامات كبيرة.
ومعظم الاتصالات والرسائل النصية من شباب صغير في السن يتصلون بشكل عشوائي وأحياناً تأخذ المكالمات منحى قذراً.
وتقول رئيسة مركز حقوق المرأة نهاد أبو القمصان، "نعرف بعض الحالات التي أصبح فيها الأمر مقلقاً عندما يقول المتصل أنا أعرفك، وأعرف عنوانك، وأين تعملين، وتدرسين، ويستمر في الاتصال، وحينئذ تصبح اللغة أكثر تهديداً أو قذارة".
وفي مجلة "كلمتنا الشبابية"، قالت جميع الفتيات اللائي أجريت لقاءات معهن، إنهن تعرضن للمعاكسات الهاتفية.
وقالت صفية زيتون، البالغة من العمر 16 عاماً، "تعرضت ذات يوم للمعاكسة من شخص أعرفه فكانت لا تمر ساعة دون أن يتصل".
وتعلق مروة مخلوف، البالغة من العمر 16 عاماً قائلة، "أعطيت الهاتف لأخي فصرخ فيهم".
ومن جانبها، قالت منى باسيل، البالغة من العمر 17 عاماً، "كان هناك شخص يتصل بي في أي وقت ويسألني كيف حالي كما لو كان صديقاً، وقلت له أن يتوقف عن ذلك، ولكنه قال أريد أن أتعرف عليك، إنهم يعتقدون أن ذلك شيء لطيف، ولكنه أمر يثير الإحباط وفي بعض الأحيان يسبب مشاكل حقيقية للبنات".
وفي العام الماضي، ذكرت دراسة أجراها مركز حقوق المرأة وشملت ألفين سيدة، إن 83 بالمائة منهن قلن، إنهن تعرضن لشكل من أشكال التحرش الجنسي، و23 بالمائة قلن، إنهن تلقين مكالمات تليفونية فاضحة.
مشكلة أكبر
وهناك من يعتقد أن المعاكسات الهاتفية جزء من قضية أكبر.
ويقول الباحث في علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية سعيد صادق، "إن الإطار الوحيد للجنس في المجتمع العربي هو الزواج، وهو أمر لا يقدر عليه الكثيرون هذه الأيام".
وأضاف صادق قائلاً، "والقمع الجنسي في المجتمع المصري يتم التعبير عنه بأشكال متعددة منها المعاكسات الهاتفية، والقنوات التليفزيونية الإباحية، والتحرش بالنساء بالشوارع، والزواج السري إنها مشكلة حقيقية".
ومضى صادق يقول، "يظلون يتصلون حتى يجدون استجابة. ولكن لو قدمت النساء شكاوى يمكن العثور على المتصل فلا مشكلة في ذلك".
وبالفعل، فمنذ عامين وفي أعقاب المظاهرات الغاضبة والإضرابات التي تم تنظيمها باستخدام الهواتف المحمولة تحركت الحكومة بسرعة لفرض تشريع يلزم من يحصل على بطاقة المحمول الذكية أن يقدم اسمه وعنوانه.
وتقول نهاد أبو القمصان، "كان مركز الشرطة في الماضي أحد مصادر التوتر في هذه القضايا، ولكنهم يتعاملون الآن مع قضايا التحرش بشكل أكثر جدية، وهو أمر إيجابي".
وأقر مجلس الشعب المصري في فبراير/شباط الماضي تشريعاً يفرض عقوبات مشددة على التحرش الجنسي، ويفوض الشرطة تحري كل مزاعم التحرش، وقد يواجه المدانون بأنهم يمارسون المعاكسة الهاتفية غرامات كبيرة.
غير أن التصدي الفعال لهذه الظاهرة يتطلب تغييراً في مفهوم الرجال والنساء إزاء التحرش الجنسي ليشمل كل أشكال الانتهاك البدني أو اللفظي.
عن: أرابيان بزنس 25 أكتوبر 2009