اللغات الميتة تجنب أوربا لغاتها الحية

439p ((العرب أونلاين)) إذا كنت تعتقد أن اللغة الإنجليزية هي لغة القرن الحادي والعشرين، فينبغي عليك أن تفكر ثانية.. فربما تكون اللغة اللاتينية، هي لغة المستقبل في أوروبا.
وقال ولفجانج جينيجس المترجم والعالم اللغوي بالمفوضية الأوروبية "إنه ليس أمرا عمليا أن تضطر إلى ترجمة اسم برنامج أوروبي إلى 23 لغة، ولذلك فإذا كانت لديك كلمة لاتينية يمكن نطقها باللغات الـ23 وتعني شيئا في الوقت نفسه، فسيكون هذا أمرا عمليا".
وفي الاتحاد الأوروبي، تعتبر اللغات عملا سياسيا كبيرا حيث تقاتل كل دولة بشراسة دفاعا عن لغتها الوطنية، وتترجم نصوص الاتحاد الأوروبي بشكل روتيني إلى اللغات الرسمية الـ23 بالاتحاد".
وطالما توفرت للاتحاد الأوروبي ذاكرة كافية بأجهزة الكمبيوتر لديه وأوراق طباعة من أجل طبع 23 نسخة من كل نص فهذا هو الحل السياسي الأمثل.
ولكن المتاعب تبدأ عندما لا يكون هناك سوى مجال واحد لاستخدام كلمة واحدة من لغة واحدة، مثلا عند إنشاء اسم نطاق على شبكة الإنترنت.
وربما تبدو اللغة الانجليزية، وهي الأكثر انتشارا بالاتحاد الأوروبي، أنها تحتل الأفضلية في مثل هذه المسألة. إلا أن الدول الأعضاء الأخرى تخشى من أن الإفراط في استخدام اللغة الإنجليزية، سيعني ترسيخها كلغة العمل غير الرسمية داخل الاتحاد الأوروبي، وهو موقف مستحيل على المستوى السياسي.
وعلق أحد علماء اللغة الأوروبيين قائلا إن "الإنجليزية أصبحت لغة التفاهم الدولية، إلا أنه ليس مسموحا لنا بقول ذلك".
ويكمن حل الاتحاد الأوروبي لهذا المشكلة في العثور على لغة محايدة سياسيا في المكان الوحيد الذي يمكن أن تظهر فيه بواقعية على أنها تمثل التاريخ الأوروبي.
وقال جينيجس "حقيقة أن اللاتينية لا تنتمي إلى أي أمة واحدة،تجعل الأمور أكثر سهولة".
ومع وجود اللاتينية كأصل الكثير من المصطلحات التقنية والعلمية والدينية والقانونية في أوروبا، فإن لغة الشاعر فيرجيل تعد خيارا مثاليا لتصبح اللغة الفعلية للاتحاد الأوروبي.
وأشار العالم اللغوي إلى أن "هناك جرعة من اللاتينية في جميع لغات الاتحاد الأوروبي الـ23: الجرعة تختلف، لكنها دائما موجودة".
وفي مزيج لافت للنظر بين القديم والحديث، اعتمد الاتحاد الأوروبي اسماء لاتينية لبعض عناوين الإنترنت الرئيسية الخاصة به.
فعلى سبيل المثال، تم اختيار اسم نطاق لمحكمة العدل الأوروبي في لوكسمبورج وهو "كوريا" وهي الكلمة اللاتينية التي تعني "كورت" بالإنجليزية أو محكمة.
كما استخدم مجلس دول الاتحاد الأوروبى كلمة "كونسيليم" اللاتينية كأسم نطاق على شبكة الإنترنت بدلا من كلمة "كونسيل" بالإنجليزية والتي تعني مجلس.
كما أن هذين الاسمين عناوين فرعية لنطاق الإنترنت التابع للاتحاد الأوروبي وهو باسم"يوروبا" وهي الاسم اللاتيني لأوروبا.
كما تتم تسمية مشاريع أخرى بالاتحاد الأوروبي بأسماء لاتينية. وقد تمت تسمية مسابقة عقدت مؤخر في مجال الترجمة باسم "جوفينيز ترانسليتوريز" والتي تعني بالإنجليزية يونج ترانسليتورز أو المترجمون الشباب.
بالإضافة إلى ذلك فقد حدد الاتحاد الأوروبي "تمبوس" أو "تايم" بالإنجليزية والذي يعني "وقت" لمشروع تطوير الجامعات خارج التكتل الأوروبي.
كما بدأت الأسماء الكلاسيكية تعود للبعثات العسكرية الأوروبية. وفي السنوات الأخيرة، أرسل الاتحاد بعثات تحت اسماء الثيا وأرتميس وثيميس وكونكورديا والتي تعني آلهة الشفاء والصيد والعدالة والمصالحة على الترتيب.
وتعزز هذا التقليد في كانون أول/ ديسمبر عندما أرسل الاتحاد الأوروبي أسطولا من السفن الحربية لقتال القراصنة الصوماليين تحت اسم "أتلانتا" والتي تشير الأسطورة اليونانية إلى أنها المرأة الوحيدة التي أبحرت سعيا للحصول على الفروة الذهبية.
وباعتراف الجميع، فإنه من المستبعد أن يضطر مراقبو الاتحاد الأوروبي إلى اللجوء إلى القواميس اللاتينية في المستقبل القريب.
وأشار جينيجس إلى أن أي قرار لتمديد استخدام اللاتينية على نطاق أوسع من شأنه أن يكون "ذا طابع سياسي" ويجب أن يكون مسبوقا "بتجديد تدريس اللاتينية في المدارس والجامعات من الصفر تقريبا".
ولكن مع عدم ظهور أي بوادر على تراجع الحساسيات السياسية، فربما يجد الاتحاد الأوروبي أن أبسط طريقة لتجنب المشاجرات بين اللغات الحية هي البحث عن مزيد من الأسماء من لغة ميتة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم