لم يأت تقرير "سي أن أن" قبل أيام عن الإرهابيين العشرة الأخطر في العالم بجديد يذكر عنهم، حتى أن تصنيفهم بالترتيب الذي أوردته الشبكة كان متوقعاً، إلاّ أن التقرير تضمّن إشارات إلى شخصية كل منهم عادة ما تغفلها لوائح مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي "أف بي آي" ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه".
فأيمن الظواهري زعيم تنظيم "القاعدة"، الأول على اللائحة هو في الأساس طبيب مصري يبلغ الآن من العمر 62 عاماً، وهو ليس الشخصية الملهمة للجهاديين كما كان أسامة بن لادن، لذلك يحاول جاهداً أن يرسم لنفسه دور الرئيس التنفيذي لمؤسسة مترامية الأطراف، وهو أمر ينجح فيه كما تقول "ذي إيكونومست". وكتب الظواهري هذا الشهر "من الصومال إلى سورية، تسيطر فروع القاعدة وجهاديوها على المزيد من الأراضي وبإمكانهم استدعاء المزيد من المقاتلين أكثر من أي وقت منذ أسس أسامة بن لادن المؤسسة قبل 25 عاماً".ولا شك أن واشنطن رصت الجائزة الأعلى لمن يقود إلى اعتقاله وقدرها 25 مليون دولار.
الرجل الثاني على اللائحة هو أمير تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" ناصر الوحيشي، الذي يبلغ 36 عاماً من العمر فقط وكان السكرتير الخاص لابن لادن في أفغانستان، قبل أن ينتقل إلى بلده اليمن ويسجن هناك لينجح لاحقاً في الهرب عام 2006. وتقول "سي أن أن" نقلاً عن بعض الأشخاص الذين التقوا به بأنه شخص ضئيل الحجم، يتمتع بحس فكاهة شقي. وبالفعل، قليلة هي الصور التي لا يظهر فيها الوحيشي ضاحكاً أو مبتسماً. والوحيشي الآن خليفة الظواهري في اليمن، ولديه صلاحيات في شن عمليات تتعدى حدود اليمن، وفشلت واشنطن وصنعاء في القبض عليه رغم الجهود الحثيثة، وينشط مقاتلوه حالياً في جنوب اليمن.
العسيري مبتكر القنابل
أما الرجل الثالث فهو إبراهيم العسيري، البالغ من العمر 31 عاماً، وهو العقل المدبر لصناعة القنابل لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية ومبتكر أخطرها، حيث يعتقد أنه مصمم القنبلة "السروالية"، التي كادت أن تسقط طائرة أميركية فوق ديترويت يوم عيد الميلاد عام 2009 وقنابل طابعات الكومبيوتر التي نجح التنظيم في إرسال اثنتين منها على شكل طردين بريديين على متن طائرتي شحن قبل اعتراضهما في دبي ولندن. ولكن أبرز ابتكارات العسيري في هذا المجال كانت حشو شرج شقيقه بقنبلة وإرساله لتنفيذ عملية انتحارية عام 2009. واستهدفت تلك العملية مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف الذي نجا آنذاك فيما قتل الانتحاري. وكانت هذه المرة الأولى التي استخدم فيها العسيري مادة "بي إي تي إن" الكيماوية التي تحمل بصمته، وهي عبارة عن مسحوق أبيض بلا رائحة لا يمكن لأجهزة الأشعة السينية كشفه.
الرابع على اللائحة هو أحمد عبدي جودان، المعروف أيضاً باسم مختار أبو الزبير، وهو زعيم "حركة الشباب" الصومالية، وقد عرضت الولايات المتحدة مكافأة للقبض عليه تصل إلى 7 ملايين دولار. وأصبحت حركته حليفاً رسمياً للقاعدة تحت إمرته.تصف "سي أن أن" جوداني بأنه نحيل الى حد الطراوة، كما يبدو من الصور القليلة التي نشرت له. لذلك يفضل جوداني تسجيل الرسائل الصوتية على الظهور في العلن.
من مهرّب إلى إرهابي
يحل مختار بلمختار خامساً على اللائحة، وهو شخصية بارزة في تنظيم القاعدة في "بلاد المغرب الإسلامي"، أعلن تشكيل كتيبة "الموقعين بالدم" قبيل شنها هجوماً على منشأة "أميناس" جنوب الجزائر قتل فيه 40 موظفاً أجنبياً بعد حصار لمدة ثلاثة أيام. تقول الشبكة الأميركية إن بلمختار يلقّب أحياناً "السيد مالبورو" بسبب تورطه المعروف في تهريب السجائر ويعتقد أنه جمع ملايين الدولارات من الفديات، التي حصل عليها مقابل خطف غربيين في مالي. وكان بلمختار سافر إلى أفغانستان عام 1991 لقتال الحكومة الشيوعية آنذاك حيث خسر إحدى عينيه وكسب لقب "الأعور". وقد عرضت الحكومة الأميركية مكافأة بقيمة 5 ملايين دولار للقبض عليه.
في المرتبة السادسة يأتي أبو محمد الجولاني زعيم "جبهة النصرة"، التي تأسست في كانون الثاني/يناير 2012 لتصبح الآن أقوى المجموعات المتمردة التي تقاتل النظام السوري وتضم حوالي 10 آلاف مقاتل. وتقول "سي أن أن" أنه المعلومات حول الجولاني قليلة جداً حتى أن جنسيته غير معروفة، ولكن يعتقد أن لديه خبرة كمقاتل في العراق. ولكن دراسة أجرتها مؤسسة "كيليام" المتخصصة في شؤون التطرف في لندن ذكرت أن وجهه دائماً مغطى في الاجتماعات حتى مع القادة الآخرين. ويعتقد أنه جهادي سوري يشتبه بأن لديه روابط وثيقة مع أبو مصعب الزرقاوي والقاعدة في العراق.
يأتي أبو بكر البغدادي في المرتبة السابعة، وهو زعيم "دولة الإسلام في العراق والشام"، (داعش)، وكان على خلاف علني مع الجولاني حول إعطاء أوامر العمليات في مطلع العام الجاري، اذ أعلن أن "النصرة" هي جزء من جماعته وهو ما رفضه الجولاني سريعاً. غير أن المجموعتين تواصلان التعاون في ناطق عدة شمال سورية خصوصاً دير الزور. أما في العراق فالبغدادي هو من قاد الارتفاع الدراماتيكي في الهجمات الإرهابية ضد أجهزة الدولة والأمن إضافة إلى التفجيرات الدموية التي استهدفت المدنيين الشيعة وتقول "سي أن أن" إنه مستعد لتنفيذ هجمات على أساس مذهبي بحت. ويعدّ البغدادي الآن المسؤول عن ارتفاع عدد القتلى المدنيين خلال شهر واحد في العراق إلى أعلى مستوى منذ عام 2008. وتبلغ قيمة الجائزة الأميركية المرصودة للقبض عليه عشرة ملايين دولار.
الثامن على اللائحة هو سراج الدين حقاني، وهو نجل مؤسس "جماعة حقاني" المسؤولة عن بعض من أكثر الهجمات دموية في كابول في السنوات الأخيرة، والتي تقيم علاقات وثيقة مع القاعدة وطالبان. يعرف بسراج وهو رجل أربعيني تعتبره الولايات المتحدة مسؤولاً عن قتل وجرح أكثر من ألف جندي أميركي في أفغانستان وترصد للقبض عليه مكافأة بقيمة 5 ملايين دولار.
التاسع على لائحة "سي أن أن" هو بو بكر شيخو، زعيم حركة "بوكو حرام" في نيجيريا، ورصدت الولايات المتحدة مبلغ 7 ملايين دولار لمن يساعد في القبض عليه. أما العاشر فهو دوكو عمروف، زعيم "إمارة القوقاز"، وهي مجموعة شيشانية تهدف الى إقامة حكم إسلامي في أجزاء كبيرة من جنوب روسيا، وعرضت أميركا مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار للقبض عليه.