نعم هى كُرة ثلجية، مُتدحرجة بين الكوريتين، الجنوبية والشمالية، لكنها في ثوب من نار.!
فصلته (بيونغ يانغ) بالغباء العسكري، ومن الذكاء ان لاتلبسه (سيول) لبسة فورية، فتنقذ رقبتها من قبضة واشنطن الفولاذية، وعلى الأقل قبل الإنتخابات الرئاسية الجديدة لأمريكا، إذ ليس من صفات الرئيس الأمريكي المنتهي ولايته الثانية والأخيرة (الخارج من البيت الأبيض دون عودة)، ان يبكي في الكنائس بحرارة لجروح الآخرين، خاصة والخارج من البيت الأبيض هذه المرة هو الرجل الأسود (إبن الحسين) المتنقل الى الكنيسة من المسجد أساسا، وقد يعود لأساسه المسجد إذا أيقظ ضميره غفلته، عما فعل العم سام بشعوب العالم الثالث بإسم الكنائس تارة وبإسم المساجد تارة أخرى.!
هذه الحرب المجنونة إن وقعت، ستجرّ المنطقة إلى ما لانهاية من حروب ساخنة وباردة شاملة ومتداخلة، بين فصيلتى المعسكر الشرقي والغربي، ممن تركع وتسجد لواشنطن جهرا وسترا بالجيتار والموسيقى، ومن تلعنها في العلن وتلجأ لها في الخفاء بالعمائم والتراتيل.
الأب والإبن أين عنكما الروح القدس الذي كنا نقدّسه طالما ظلّ مقدّسا.؟!
ومشكلتنا في العقدين الأخيرين هى الأب والإبن دون روح القدس! .. جورج دبليو بوش(الأب) أرعب العالم من أسلحة الدمار الشامل العربي والعجمي معا، لكنه هاجم العرب قبل العجم، فأباد (بغداد) عن بكرة أبيها بذريعة أسلحة الدمار الشامل، وبأسلحة الدمار الشامل..! وجاء دبليو بوش(الإبن) ليصنّف دولا عربية وعجمية بمحور الشر، لكن (دمشق) يتم تفتيتها قبل غيرها من الداخل ودون أن يطلق عليها رصاصة واحدة من الخارج.!
لا أستبعد هذا الإفتراض، طالما العم سام هو ذاته الذي استطاع ان يفتت الإتحاد السوفييتي برمتها دون إطلاق رصاصة، بالحفاظ على كامل الأراضي الروسية المعدنية، وثم أعادت الإسطونة ذاتها على بغداد بدباباتها، لتحرق الأخضر واليابس من جانب، وتذهب الى الحقول النفطية العراقية لحراستها من جانب آخر.!
حرب الكوريتين إن وقعت، وقعنا في كمين دبرته دولٌ تريد أن تبلعنا بسهولة ونحن متشتّتون، بعد ان اكتشتفت انه كان من الصعب عليها ان تأكلنا ونحن متضامنون، على غرار الحربين الخليجيتين الشرستين التي وقعت بين العراق وإيران ثم بين العراق والكويت، وإنتهت بطبول الفرح وأناشيد الإنتصارات للطرفين، وكان هو عين الغباء العسكري، ان يُطبّل لشهداء الطرفين وهم يلفظون الأنفاس الأخيرة بالشهادتين، ثم يُكبّرا للهجمات من جديد على أني أنا الحق وأنت الباطل، وان الطريق الى القدس يمرّ من طهران او بغداد او الكويت.!
تلك الحروب الغبية، أُشتعلت تارة بإسم الإسلام على العرب، وتارة على العرب بإسم الإسلام، كسب من أشعلها وخسر من إشتعل بها، ترى ماذا كبسنا منها..؟! هل إستطعنا ان نعيد قتيلا واحدا الى الحياة من مليون شهيد عربي أو مسلم؟ او نسترد دينارا أو درهما واحدا من محروقات الحرب؟ او نسترد شبرا واحد من أرض فلسطين؟ او نسعف جريحا بحاجة لقطرة دم من شلالات دماء سُكبت في تلك الحروب المستنزفة المخططة لها من الخارج لإضعافنا ثم تبلعنا سهلا.!
حرب الكوريتين إن وقعت لاسمح الله، فهي طاحونة الجبابرة، تطحن الهواء بالهواء، ثم ترسل بالريموت دوىّ الرّحى الى الجانب الآخر من الوادي حيث نحن ومنطقتنا على أنها زئير الأسد في الصحراء، هى كرة ثلجية سريعا ما تذوب بين الكوريتين في شبه جزيرتهما، لأن أمريكا المشبوهة لن تواجه عرقلة لاءات إسرائيلة علنية في هذه الحرب المفتعلة، ولأنها ستواجه لاءات صينية روسية حقيقية، فإنها ستتحول إلى أطول حرب إقتصادية تكون قاسية علينا بلا إستثناء، إنها ستُفلسنا كما أفلست اليابان بهيروشيما، وفيتنام بالعناد، والهند وباكستان بالعرق الآسيوي، وإيران والعراق بعرب وعجم الإسلامي.!
إنها كرةُ ثلج تذوب قبل دوران الرحى بين العاصمتين بيونغ يانغ وسيول، لكنها سبتقى في ثوب من نار أبي لهب ولحيته! تُدوّي علينا دوىّ الرّحى! تطحن تطبخ وتروّج لخنادق أخرى بعيدة كل البعد عن أرض الحدث، وسنمسع كثيرا عن عبقرية النظام الصاروخي المتطور تفشل الضربات النووية في الفضاء، كانت كارثة لووصلت منها جمرة على الأرض لأحرقتها برمّتها ..(ياسلام) ..!
لاتصدقوا "البهلوان) الأمريكي العملاق الذي وصل الكورية الجنوبية لحمايتها، ولاتصدقوا الكورية الشمالية الغبيّة بأن قواتها الصاروخية الإستراتيجية على أهبة الإستعداد لتدمر العملاق بذبذبات كورية نووية لا ترُى بالعين المجردة في فضاء بيونغ يانغ، لكنها تعمي عيون الأمريكان بأسلحتهم في سيول..!
لاتصدقوا هذا ولا ذلك.!
وصدقوا أنها كرة ثلج تذوب بغبائها إن لم نذب نحن لها بذكائنا.
قرأت قبل أيام خبرا مضحكا بثته تل أبيب بالترويجات وأيدته واشنطن بالتهنئة والتبريكات، أن إسرائيل طورت الواقي المنتظر في وجه المهدي المنتظر، ذلك الواقي الذي سيفجر الصواريخ المهاجهة على تل أبيب في الفضاء بدقّة 101%، وكان من الغباء المدني قبل العسكري، ان نصدق من يملك سلاحا واقيا بهذا القدر من الدقة أيحتفظ به سرا يفاجئ به الميدان؟ أو يحتفل به على الفضائيات.!
وعلى هذا الأساس، أنه من الغباء الأمريكي أن يخيفنا مرة أخرى بزئير ذلك الأسد من شبه الجزيرة الكورية، وعلينا أن نفاجأ العالم بقوتنا التضامنية البشرية الإقتصادية العربية العملاقة على ان:
Ø فبركة الكوريتين لن تشغلنا عن إنتاج النفط العربي وتصديره.
Ø صناعة الإنسان العربي وتطويره.
Ø إنماء الثروات العربية وتحضيرها
Ø إسقاء الأرض العربية المحروقة وتخضيرها.
Ø إحياء الأرض العربية المهجورة وتعميرها.
Ø إسترداد الأرض الفلسطينية المغتصبة وتسخيرها.
إن حصل أن قتل الكوريون الكوريين، فعلينا ان نكف عن: قتل العراقيين بالعراقيين، الليبيين بالليبيين، اليمنيين باليمنيين، والفلسطينين بالفلسطينيين، علينا ان نكفّ عن قتل العرب بالعرب، وإن قتل الكوريون الكوريين.!
أحمد ابراهيم (كاتب إماراتي)
رئيس مجلس إدارة
مجموعة يوني بكس العالمية
البريد الإلكتروني: ui@eim.ae