اصطف الفريق الأيمن في زيه الملون وجوههم صارمة الملامح يستعدون لكتم أنفاسهم، والفريق الأيسر جاء بزيه المغبر وملامحه المداهنة التي تبدو على غير حقيقتها، الفريقان على أهبة الاستعداد، فريق على يمين المشاهد وآخر على يساره، بدأت المباراة بأن أُطلقت صافرة البداية، كتم الفريقان أنفاسهما لمدة 18 دقيقة كان خلالها الفريق الآخر قد بدأ في النظر إلى الحكام الذين تغاضوا عن كثيرين منهم قد تنفس خلسة عندما يمر أحد الحكام أمامه ليخفي خديعته.
انتهت المرحلة الأولى من المباراة، فاز الفريق المنظم الذي دأب على تنظيم صفوفه بالخديعة أحيانا، وبالتواطؤ أحيانا أخرى، فاز فقط لأنهم يعرفون كيف يشترون الحكام، ويدلسون النتائج بشراء الضمائر والقلوب، ارتدوا زياً لا ينتمون له، ليدغدغوا مشاعر الجماهير الساحقة من المتفرجون، الذين جاءوا المباراة وهم يربطون بطونهم بحزام ليسكتوا معداتهم التي تصرخ من الجوع، كان الصدام بين الفريق الفائز والفريق المهزوم دمويا، كان الحكام الذين باعوا المباراة يملكون السلاح، والفائزون يملكون الخداع، ضرب الحكام الفريق المنافس بأسلحتهم ليجعلوهم يفتحون أفواههم فيهزمون فأدار الفائزون الظهور كأنهم لا يعلمون، أو كأن الفريق الآخر قد جاء من دولة معادية يستحقون الإعدام، ولم لا وهم يعلمون أنهم لو فازوا لوضعوهم و الحكام في سجون التاريخ مكللين بالعار، ضربات متتالية حتى أفقدوا الفريق الآخر توازنهم و ترنحوا تحت تأثير الضربات و فقدوا التوازن ثم تنفسوا أخيراً، ومع أن الفريق الآخر قد فاز إلا أنه ظل كاتماً نفسه خشية أن تفوح من أفواههم رائحة الخيانة.
تنحى الحكام جانباً بعد أن اطمأنوا أن الأمور قد آلت لمن يريدون، اختفوا من المباراة وحل مكانهم بعض أعضاء الفريق الفائز يديرون ما تبقى من المباراة، ارتدوا ملابس الحكام فوق ملابس اللعب، واختلط على المشاهدون الأمر، فأصبحوا يشجعون فريقاً لا يعلمون كنهه بعد أن غطى الفريق الفائز أعينهم وقلوبهم بعصابات سوداء أخرجوها من قلوبهم المتحجرة الطامحة منتهزة فرصة سقوط الفريق الآخر مضرجاً بدماء الشرف، ظل الفريق الخاسر يلعق جراحه ويداويها حتى يزول الخوار الذي أصاب الفريق نتيجة الخداع و الخيانة، كانوا يشاهدون الفائزون وهم يغدقون على الحكام بالهدايا والعطايا من دماء المتفرجين، الأصوات صاخبة في أرجاء الملعب و المتفرجون انقسموا فريقان، فريق يستحث الخاسرون على النهوض، وفريق يعاون الفائزون في تزييف النتائج ويعاونونهم على قتل من تنفس من الفريق الآخر، وانتظر الجميع الحكام الذين سيديرون المرحلة الثانية من المباراة، والتي يبدو أنها على وشك البداية الآن.
- أحمد كمال نجم الدين