وصلت الامارات العربية المتحدة في مسيرتها على أربعين شمعة إتحادية نورا ونارا على الدرب الطويل، نورا للمهتدي ونارا على المعتدي .. شمعات "الإتحاد السبع" لهذا السُباعي السبع(بكسرالباء) الضاري في وجوه الحاقدين الحاسدين، كانت بالراية الشامخة الصامدة للرياح والعواصف في اليدين، في مسيرة الطموح لإتحاد تُساعي البدء، بشمول قطر والبحرين تحلم في أن ترفرف تلك الراية على آخر محطة عربية بروح الإتحاد.
الإمارات اليوم بأنوار شمعتها الأربعين، في زمن ما احوجنا فيه للإنارات بلا نيران، وللشموع بلا دموع .. فقبل 39 عاما، وفي 2 ديسمبر 1971، أوقف الملاح مركبه بالصيادين والملاحين على المرسى، وعلى الرصيف توقفت ايضا قاطرة الجمال والنوق بالرّحّالين، ودخلوا جميعا خيمة الإتحاد بمنطقة "سيح شعيب" بين دبي وأبوظبي ليترسّموا فيها بحسن النوايا وبفراسة البدوي الحاذق الصادق، تلك الخريطة التاريخية الفذّة العظيمة، التي كانت تفشل في الدهاليز والبرلمانات، خاصة بين أبناء عمومة هابيل وقابيل من إخوة يوسف، ونُصبت خيمة سُداسية الأوتاد في تلك الصحراء، سرعان ما إلتحقت بها إمارة رأس الخيمة لتصبح سُباعية الأوتار والأوتاد يوم 2 ديسمر 1972.
حقا ما يقال ان "في أعماق كل مشكلة فرصة ذهبية لم تُكتشف"، ولن تُكشتف الا بوحدة الصف وصفوة الرُّؤى، وهذا ما عمله روح الاتحاد، بشجرة الآباء للأبناء، شجرةٌ أينعت وأثمرت للقريب والبعيد، شجرةٌ كانت لكل بستان بالأغصان ولكل إنسان بالثمر، شجرةٌ ظلالها للآمنين القاطنين من المواطنين والضيوف والوافدين والزائرين السائحين، شجرةٌ أحبّت من أحبتها فأعطته أكثر مما أخذت منه.
بأربعينية تلك الشجرة، ومع نُقلتها النوعية من مسميات "السواحل المتصالحة" الى "الإمارات المتصالحة" .. ثم منها وأخيرا ودائما إن شاء الله إلى (دولة الإمارات العربية المتحدة)، اليوم ونحن في ربيع الإمارات السبع، نؤمن في ريعان تلك الشجيرات السبع وأثمارها وأظلالها بأن الاتحاد قوة، والاتحاد فتوّة، ونبصم بانّه الأبوّة، وأنّه البنوّة .. فيا مرحبا بنسيج التلاحم بين الآباء والأبناء.
لاتنُم يا إبني المواطن العشريني، وأنت يا أخي الثلاثيني والأربعيني، وياعمّي الخمسيني والستّيني، وجدّي الثمانيني والتسعيني، فبلادك الأربعينية لم تنم منذ أربعين سنة، كل شي فيها كان يتحرك كخلية نحل، كنّا صغارا نحبو رمال المساء حبوا، فنجدها في الصباح معبّدة بالإسفلت والقار، كنا على الدراجات الهوائية نهاية الأسبوع في أماكن نلقاها بداية الأسبوع فلل ومباني، كنا صغارا نسوق السيارات بدون رخصة سواقة (ليسن)، وإن رأتنا الدوريات نتركها السيارات مغرّسة ونهبّ على السيقان للرّياح، وعدناها المواقع بذكريات الغرس، فوجدناها عمارات وأبراج، كل بضعة أمتار كنا نرى فيها عمارة ترتفع، مدرسة تُبنى، مستشفى يُقام، أو فندقا تعلو طوابقه .. هذا دليلٌ على ان هذه البلاد لم تنم منذ أربعين سنة، فهل يجوز لنا النوم؟
لامواطن كسول لوطن نشيط، إنه كسولٌ لكنه مواطن، فلاتسلبوه الوطن، بل أسلبوه غفلته، أيقظوه وانقلوه من الكسل الى العمل، نحن في البلاد مع جيلين متناقضين، جيلٌ كان يخرج بالأمس للعمل قبل الفجر بساعتين، وجيلٌ ينام اليوم لما بعد الدوام ساعتين، علينا ان نقيم جسرا ليلتقيا في مكان واحد، وينطلقا من مكان واحد، مترو، محطة، قطار، طائرة، سيارة او الحنطور مش مهم.. المهم الانطلاق الى الامام بالعمل، لن تبق معنا للأبد هذه الوجوه الآسيوية الصفراء تُقطّر العرق في لهيب الشمس الحارقة، إنها جاءتنا للإرتزاق وستذهب بالإرتزاق، فالعين المستعارة لن تبك بحرارة، خاصّة إذا زادت حرارة الشمس وخفت رائحة النفط.
قوة هذه البلاد في انها لم تعرف التعصب ولم تسمح بالطائفية، تعانق في عواصمها الهلال بالصليب، فلنستورد حضارات شعوب وبلدان، وان كانوا يعبدون الشمس والقمر، كما اخذناها ممن يعبد الثور والبقر، ومما يجب ان نستوردها، ما تحضرني عن تخريج دفعة من أطبّاء الصين قبل اربعين سنة، بان الطبيب الصيني ما ان تخرج ونال شهادة ممارسة الطب، علقها الشهادة على صدره وخرج واضعا عدّته على رأسه كبائع (ليلام) او عامل نظافة، يبحث عن المرضى في المزارع والشوارع، يعالجهم مجانا، ورسومه الطعام من الدولة.! انا لا أدعو الى الاشتراكية والشيوعية، وإنما أعبر عن إعجابي بهذا الطبيب الصيني واخلاصه للعمل، بالفناء في العمل.
وعلى بوابة عام 2012، لنا وقفة تأمّل بآخر الأخبار الاقتصادية في زمن الكساد والانهيارات، فقد أعلنت الصين توّا انها رصدت للإستثمار الإستراتيجي 1.7 مليار دولار، وجانب هذا اعلان في نفس الوقت إعلان الولايات المتحدة الأمريكية بان العجز المال الامريكي تجاوز ترليون ونصف ترليون دولار أمريكي مما يهدّد الأمن القومي الأمريكي.!
هذا النموّ الصيني، قد يدفع بكين وشنغهاي أن تنظرا الى واشنطن ونيويورك بعيون ناطقة اقل كلماتها امام الشعب الصيني: (اننا بالعمل وهم بالكسل، نحن بالتواضع وهم بالتكبّر، نحن بذبذبات العقل الصامت الصيني وهم بعضلات المصارع الإستعراضي الأمريكي .. ليس إلاّ، ليس إلاّ، قد تكون أمريكة حلوة، إنما الصين أحلى ياآآآآحبيييييييييبي . ☺
- بقلم: أحمد إبراهيم (كاتب إماراتي)
- البريد الإلكتروني: ui@eim.ae
يا حبيبي :) نهنئ الامارات وشعبها بمناسبة العيد الوطني وعقبال 1000 سنة من الاتحاد والإزدهار ..
ردحذفمحبكم الأسود العوهلي