يبدو أني بحاجة لخروج.. لا يكفي الخروج من البيت و ملاقاة الليل بعيداً عن الشرفة و الدفئ و الجدران، أنا بحاجة لخروج عن المعنى و المعقول و المألوف كي أراني من جديد بعد فترة، أنا بحاجة لأن ألقاني بعيداً عني أو بعيداً عما يعنيني و يهمني، بحاجة لفلترة أحلامي كلها و إبقاء المعقول فيها، و لو أن موت اللامعقول في الحلم يعني وفاة الحلم نفسه، لا يجوز لأحلامي أن تحوي فقط المتاح حولي و عدة خيارات كلها مناسبة و في نفس الوقت مرفوضة، أنا بحاجة لهذا الاختيار الذي يعجز المخنوق بمعقولياته عن ذكره... هل المعقول هو ما تدركه الحواس و تستنبطه العقول أم أنه وليد الخوف من اللامعقول؟ أم أن المعقول مؤقت و جاهل و لا يلتزم بما يقول و غير مسئول عنه؟ الطيران حق تمارسه الطيور و حرمته الجاذبية على البشر و كان إتيانه غير معقول... لكنه الآن معقول جداً و عادي جداً و مألوف جداً... لكني لازلت خجلاً من أحلامي اللامعقولة.. ربما لأن الوقت يمر بسرعة... ربما لأن عالمنا العربي لا يصلح للابتكار و لا يشجع أي أحد على أي شيء! و ربما كانت حجة واهية أدس فيها خيبتي دون أن يلاحظ أو يشمت أحد، و هو نفسه ما فعلته عندما فقدت اقتناعي بالناصح مهما كانت حاجتي لنصيحته... لأني مازلت مصراً على إساءة استخدام المعقول هنا و هناك... و هو نفس الفرح الباهت الذي انتابني لما علمت أني لست المبتلى الوحيد و لا المقصر الوحيد و لست وحدي من يعجز أمام طلاسم المعادلة... أنا بحاجة لحلم جديد يحوي احتياجاتي كلها بشرط ألا تكون من صناعة الصين و لا من طراز العام الماضي، و أن تكون قطع غيارها متوافرة و في نفس الوقت نادرة و لا يملكها سواي... أنا بحاجة لحلم لا يقبل الحذف و التعديل كلما مرت ليلة و جاء صبحها... أو أني بحاجة للغة أتفاهم من خلالها معي... او ربما أني بحاجة لخروج مني أنا... لا من أحلامي و لا من أي معقول... أو ربما أني بحاجة لأن أنام ليس أكثر!
- سلامة عبد السلام
29/9/2011