الجاسوس الإسرائيلي والجاموس العربي!!

بعد سقوط جدار (برلين إسرائيل-العرب)، ودخول حارس بوابة سيناء بأنجاله زنزانة الشعب، وتفجير أنابيب إسرائيلية مختلسة للغاز المصري، السلعة الإستراتيجية القومية الأولى كانت تُهدى لعدوّة العرب الأُولى عبر تلك الأنابيب منذ عقود وبملايين المُكعّبات، أدركتنا إسرائيل اليوم ما لم ندركه الى اليوم، بمقايضة رأس الجاسوس الإسرائيلي (إيلان تشايم غرابل 27 سنة) برؤوس 25 سجناء مصريين (لانعرف أسمائهم) .. حقا إنها أدركتنا ما لم ندركه فلم نتداركه قبل أيام، من مقايضة أخرى (جلعاد شاليط) أشهر جندي في تاريخ إسرائيل، وكان رأسه أيضا بألف رأس  فلسطيني (أيضا لانعرف أسمائهم.!).

لقطة تلفازية عابرة أدركتنا إسرائيل عبرها ما لم ندركه في قراءاتنا المتواصلة، بان الرؤوس الإسرائيلية لايمكن مقايضتها بالرؤوس العربية رأسا برأس، وكما ان الدماء العربية الأرخص منذ قرون، كذلك أرواح شعب الله المختار (جند وجواسيس الصهاينة) ستبقى هى الأغلى لقرون.!

المراوغة ديدنها إسرائيل، كلما إختنقت في خندق تخرج بفبركة إعلامية لتسرق الأضواء، نحن نُسلّطها تلك الأضواء من الداخل على انفسنا برومانسية الزغاريد وأكاليل الزهور على رؤوس القادمين من سجون إسرائيل، بأنهم عادوا متوّجين إلى الوطن .. والعالم يسلطها الأضواء ذاتها بكشّافات إسرائيلية على نفس الوجوه، بأنهم إرهابيون كانوا يشكّلون خطرا على سلامة إسرائيل المسالمة، فأعيدت الأفراخ إلى حاضنات التفريخ.!

المقايضة الأخيرة شعرتُ بهزّتها أكثر مما قد شعرت تركيا بزلزال شمالها الأخيرعلى 7بمقياس ريختر وبعمق فيضان تايلندا الحالي، إنها أشغلتني بأوراقي المبعثرة في حقيبتي أكثر مما يكون قد إنشغل راشد الغنوشي  ببلدة سيدي بوزيد بتونس زعيم حركة النهضة الاسلامية الفائز في الانتخابات التونسية والمصرح مباشرة بعد الفوز ان حركته ملتزمة باحترام كل "المعاهدات الدولية".

عادة المصطلحات "الدولية" هى التي تخيفنا فتُشغل أوراقنا المتواضعة على خلاف العادة، لست مبالغا في اني إنشغلت بها في حدودي المتواضعة أكثر من إنشغال إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالكونغرس بشأن طلب تركي غير معتاد لطائرات هليكوبتر هجومية للبحرية الأمريكية تسعى بها أنقرة الإنتقام من انفصاليين أكراد.!

أخيرا، وصل الجاسوس الإسرائيلي إيلان غرابيل، معززا مكرما مطار بن جوريون بتل أبيب قادما من القاهرة، على متن الطائرة الخاصة التي كان قد أرسلها له رئيس الوزراء الإسرائيلي مع إثنين من المبعوثين، فوجد في إستقباله السفير الأمريكي في إسرائيل دان شابيرو، ثم وأستُقبل بالقدس مباشرة من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي شدّ على يده بما له ولأسيادة على القُدس وفلسطين من شدّ، ثم توجّه مباشرة الى نيويورك.! كلها شدّاتٌ في شدّات، أولى بها ان تشدّ إتجاه الإمبراطوريات العربية التي تأمل دائما من واشنطن سترة النجاة كلما إشتدّت بها الأعاصير والطوفان.!

لم نقرأ التاريخ، لو قرأناه جيدا لما كرّرنا حماقات إرتكبتها الإمبراطورية البريطانية فأصبحت دولة إنجلترا، وأرتكبتها الإمبراطورية الفرنسية فأصبحت دولة فرنسا .. هناك شعب بأسره أسرى لدى اليهود، ونحن نحتفل عن جهل بالعرس (الجاليطي والغرابيلي).! وإن كنا نحسدهما على ما يحملانه من هوية تمنح حملتها المناعة قبل سترة النجاة.! ذاتها البريطانية يوما لسلمان رشدي الهندي الأصل المهدد بالقتل، لكن هوية في جيبه رفعته من بين هؤلاء الحفاة العراة المنبوذين على أرصفة الهند، لولاها في جعبته، لكانت حكومته هى التي سلمته لحبل المشنقة ولو مقابل حفنة من الدولارات المزيفة.!

عرب ومسلمون في سجون اوروبا وامريكا ظلما وبهتانا؟ دعونا عنهم.!

الشعب الفلسطيني برمته مسجون بين واشنطن وتل ابيب؟ دعونا عنهم.!

ولكن ايضا دعونا نفكر ولو بصوت غير مسموع:

ياترى هذا الجاسوس الإسرائيلي الذي إنكشفت هويته الأمريكية، لو كان عربيا وقُبض عليه وهو يتجّسس في بلد عربى آخر، أكانت طائرة بلاده تأتيه بالحراس والمرافقين؟ ام يأتيه حبل المشنقة من الإتجاهين؟!  ليس لأنه كان جاسوسا عربيا على بلد عربي آخر وحسب، بل وأيضا لأنه قد لايملك في موطنه فدية جاموس عن رأسه المعلق بأعواد المشانق.

بوركت يا جلعاد شاليط كنت جنديا إسرائيلا، وبوركت يا إيلان غرابل كنت جاسوسا أمريكيا، ولم تكونا جاموسين عربيين خاصة والإضحى المبارك على الأبواب.





9 تعليقات

  1. عهدي بك مقدم للحلول وليس هذا المقال التشاؤمي الذي يدعو إلى الإنكسار والإنحطاط ماذا اصابك ؟!! لم يروق لي هذا المقال أريد مقال يطور ذواتنا وليس العكس

    ردحذف
  2. لقد أسهبت يا سيدي في سرد حقائق للأسف واقع نعيشه حتى بعد أن منّ الله علينا بحرية نحسب أننا قد أمسكنا بتلابيبها، فما زال العربي لا يساوي الكثير في صفقات تبادل أقل ما يقال عنها أنها مشبوهة و المعلن فيها أقل بكثير من المستتر، و لكن لنا الله فالأمل في أن نمتلك قرارنا كله على الأبواب و سيذهب من يقبضون على رقاب العرب إلى الجحيم، و ستعود بإذن الله أمجاد العرب التي أذهلت و علمت العالم كله و أهدت البشرية علومهم التي يفتخرون بها الآن علينا.
    دمت بخير و تحية من أرض الكنانة

    ردحذف
  3. أختلف مع ذات الشجون ؟ أعتقد أننا بحاجة لمثل هذه اللغة ومثل هذا الكلام هذا الكلام مؤثر لما تغضبنا الحقيقة لا ادري سلمت يداك يا ابن الامارات مع خاص التقدير والتحية لا عدمناك

    ردحذف
  4. هنووووووده30 أكتوبر, 2011 16:17

    ربما كان في كلامك بعض الصحه ذات الشرون ولكني استمتع كثيرا بقراءه مقالات هذا الرائع المبدع من اجمل الكتاب الذين احبهم

    ردحذف
  5. خميس كرامة01 نوفمبر, 2011 11:11

    شكراً لك أيها المبدع الإماراتي بوركت

    ردحذف
  6. من اجمل مماقرات

    كووووووكب - المنزه

    ردحذف
  7. شكرا لك استمتعنا بالقراءه كالعادة إنني لا ارى في المقال اي مما قالت الاخت اعلاه لا ادري مالذي دعاها لهذا التعليق يبدو انها تنظر من زوية ضيقه مع خالص الود استاذي احمد ننتظر المزيد
    >>> لي عودة ولي تعليق آخر

    ردحذف
  8. مقال في الصميم

    ردحذف
أحدث أقدم