كانَ في حيرةٍ يتساءَلُ:
أيُّ اشتعالٍ يتوّجُ ملحمةً
لظلامِ النهارْ؟
وأيّ العناوين يصلُحُ قبّرَةً
من ثلوجٍ على جبلِ النارِ
ثم ابتدا بالكتابةِ فوقَ الورقْ:
[حبٌّ حتى الموتِ.. وموتٌ حتى الأنهارْ]
[ملاذُّ السماءِ ملاذُ البقاءْ]
كانَ خلفَ هروبِ الذهبْ]
[ها.. رمادُ الموتِ تحت النافذه]
[شمسُ السماءِ تزهرُ الوجودا..]
[يظلُّ يضيءُ فوق الأرضِ خيطُ دماءْ]
[وُلدَ المدى شفقا]
***
ظلَّ في حيرةٍ
فمحا كلَّ ما خطّهُ من عباراتهِ نَزِقَا
ليضيءَ لديه:
[طائرٌ في سمائهِ و.. يموتُ!]
أو [الأحلامُ مزهرةٌ]
أو [بهجةٌ من ماتعٍ]
أوْ [قمرٌ ليلُهُ حزينُ]
أوْ [لحظةٌ من لهيبٍ]
أوِ[ الخصبُ مثلَ الأمنياتِ يزولُ]
أوِ [الأحلامُ نازفةٌ ظلاما]
أوِ [الأيامُ مشرقةٌ]
أوْ [هكذا ينتهي في كلِّ حبٍّ أَحَدْ]
***
ثم ما خرجَ الروحُ من حيرةٍ والجسدْ
فمحا ثم تابعَ رغمَ الرّمدْ:
[هو الحبُّ في الموتِ والأغنية]
[ولدَ الندى فوقَ المدى]
[أحزانُ البهجةِ تأسرُني]
[هبطَ الظلامُ على المدى متوهّجاً]
[ليسَ يضيءُ في الزمانِ ورْدُ]
[ليتها تأتي مع الصبحِ ندىً]
[في حالتي لا تنتهي رقصةٌ]
[كُنْ بنا يا فرحاً من حياة]
***
ثم بعد قليلٍ من الحزنٍ والذكرياتِ
محا كلُّ ما كانَ دوَّنَهُ
ثم خطَّ بدايتَهُ في أناةِ:
[عالمانِ من مَطَرِ]
[بالحبِّ موتاً إلى كواكبنا]
[شعاعٌ على السّطورِ]
[رقصةٌ للظلالِ رؤىً شاهده]
***
ولكنّ حالتَهُ لم تهدئْ عواصفَها الراعده
فاشتهى الأبجدياتِ قاطبةً
والخيالاتِ عابقةً والبحورْ
علّها تتوحّدْ في أن تكوّنَ زهرتها الواحدة
لتتوّجَ أمواجَهُ
فمحا ما تكوّن ثم ابتدا الفسحةَ الرائده
مشرقاً كضياءْ..!!
رجفتْ يدُهُ وهو في حالةٍ من بكاءْ
فرمى فوقَ جمرِ القصائدِ أضلاعُهُ
مُطلقاً قلبَهُ
في فضاءِ حبيبته المستباحةِ في بركةٍ من دمٍ
فبكى.. وبكى.. ومحا
ثمّ أنجزَ هدأتَهُ
ليخطَّ بدايتَهُ من جديدٍ
وما كانَ من خوفهِ قد صحا:
[.. يجيءُ طوفُ الحبْ
كالقصائدِ والألمْ
ولكنَّ ملحمةَ الأبدِ المهاجره
تظلُّ سماءَ الوطنِ الأخيرْ
وتبقى الأنهارُ مسكونةً بالرحيلْ
كما هي مسكونةٌ بالزمانْ..]
***
كانَ.. ثم محا.. ثم كانْ
وما ازدانَ قربَ أناملهِ الأقحوانْ
ثم ظلَّ وراءَ اختفاءِ العباراتِ
وهي تبعثرُ أوهامَهُ:
[لهبُ الأتونْ]
***
ثم أوّلَ أحلامَهُ.. ومحا
ثم خطَّ وقد لوّنَ الدمُ أيامَهُ
والشجرْ.
[خنجرانِ على ضفّةٍ للنهرْ
عاشقانِ على ضفّةٍ للمنونْ]
ظلَّ في حيرةٍ وظنونْ
فرمى كلَّ شيءٍ
وفرَّ إلى غامضٍ
تاركاً فوقَ قارعةِ التّيهِ
ليلاً بحجمِ اشتعالاتِهِ
واختفى
وهو في حالةٍ من جنونْ..!
- فؤاد كحل
- 5/12/1997