لن أتردد ان أرد على من يسألني "ما هى القواسم المشتركة بين المالكي والمرأة" انه حرف الميم، كذلك من يأتيني بفزّورة تسأل: "ما هى العاصمتين اللتين يبدأ اسمهما بحرف الباء.؟" أرد على الفور: أنهما بكين وبغداد .. فإن كل الطرق في بغداد لتلك الحروف المتقاطعة هذا الأسبوع ستؤدي الى بغداد من جديد، والى شارع ينبغي لنوري المالكي ان يمشي عليه في سيارة من حديد.
إن كانت الحكومة العراقية حقا اجتمعت بعد تسعة أشهر من الانتخابات كما شوهدت وهي مجتمعة يوم الأربعاء تحت قبّة البرلمان، تجدد الثقة من جديد بنوري المالكي ورئاسته لمجلس الوزراء الذي يضم 45 منصبا وزاريا، هذه الجموع الغفيرة التي رأيناها، رآها المراقبون من الطرف الآخر أنها لم تكن إلا حُقنة إنعاش جاءت قبيل انتهاء المدة المحددة، فقبّة البرلمان وإن جمعتهم، لم تُكملهم بما يملئ الشواغر التي شملت عشرة حقائب وزارية منها الوزارات الأمنية الثلاث التي هى الأولى بالعراق والعراقيين.
ولوحظ أيضا أن المالكي في أولويات برنامجه الوزاري، لم يمنح المرأة العراقية المساحة النسوية المنصفة بما تتناسب وسكان العراق المؤهل المكتظّ بالإناث قبل الذكور، ولم يشاهد في الحقيبة الوزارية الجديدة الا امرأة واحدة، فكانت للأصوات العراقية وقبل أن ينفضّ البرلمان صداها في الشارع العراقي يوم اجتماعهم الأخير في بغداد.
وعندما ألقى المالكي كلمته، وقال فيما قال (الكل موجود في خندق المسؤولية، ولم يبق في العراق لدعاة التفريق والقتل والإرهاب الفرصة لإيجاد خلل في هذا المشهد الذي يضمّ الجميع)، توقفت المرأة العراقية على بعض مفرداته، وسارت تبحث عن السيبويه لتسأله عن كلمة (الكلّ) وموقعه من الإعراب: "إن كان هذا الكلّ يشمل كلّ العراقيين والعراقيات.؟ ام ان المرأة العراقية جزء لا يتجزأ من الرجل في الشارع العراقي، لكن لا مساحة لها تحت قبّة البرلمان.!؟
والرابط الذي ربطناه بين العاصمتين بكين وبغداد في بدء المقال بحرف الباء، أتاح لي فرصة الترابط بينهما من جديد، من خلال تصريحين ارتفعا متزامنين في كل من بغداد وبكين بوقت واحد، ففي نفس يوم الأربعاء الذي كان فيه نوري المالكي يعقد آماله على تقليص الإرهاب مع الحكومة الجديدة من دون ان يكشف عن الآلية التي ستقلل من السيارات المفخخة في العاصمة العراقية بغداد، كان هناك تصريحا مشابها في نفس اليوم من العاصمة الصينية بكين، حيث أعلن (ليوكرزا أومينغ) نائب مدير سلطة المرور في بكين، ان الصين سنّنت قوانين جديدة لخفض عدد السيارات في العاصمة بكين بنسبة الثُلثين..!
قرائتي بين السطور لما يدور في عاصمتي الباءات عن السيارات، دفعتني أقارن بين ما أعرفه شخصيا عن تاجر عراقي يستورد لوحده سنويا إلى شمال العراق (أربيل) حوالي مائة وخمسين الف سيارة من تركيا، بينما يصرح المسئول الصيني، ان السلطات الصينية لا تسمح في بكين بترخيص اكثر من 240 الف سيارة لعام 2011، وهو ثلث العدد الذي سمحت بها الصين عام 2010.
الصين الملياري يحكمها نظام، لا تسمح لشوارع عاصمتها بأكثر من خمسة ملايين سيارة، والتراخيص الجديدة ستكون خاضعة للقرعة، وبغداد الديناري بات يحكمها اليوم الدولار، الصين لا تسمح للمكاتب الحكومية بزيادة عدد السيارات حسب النظام الجديد في حدود خمسة سيارات في السنة، ففي العاصمة بكين يبلغ عدد السيارات دون 4.8 مليون سيارة، تلك الصين التي تقدمت على الولايات المتحدة بأكبر سوق للسيارات في العالم، وبيعت فيها عام 2009 حوالي 13.6 مليون سيارة، تراها تلك الصين تنظم لشعبها الملياري حتى من خلال السيارات، بينما بغداد التي تدخلها مليون سيارة مرخصة، وضعفها غير مرخصة، وأضعافها مسروقة وأضعاف أضعافها بأوراق مزورة، لكن لا تستطيع ان تقول (لا) لتلك السيارة التي تدخل مفخخة، وإن كانت سيارة واحدة وغير مرخصة وبأوراق مزورة وقديمة .. لكنها تدخل بقوة دونما تميز بين تلك المئات والآلاف المرخصة المرفقة.
-
بقلم: أحمد ابراهيم (كاتب إماراتي)
- أخبار العرب
-
مع جزيل الشكر والتقدير للأستاذ/ أحمد ابراهيم على المقال.
المرأة العراقية لها الله ، حسبي الله ونعم الوكيل على اللي يحصل في العراق .. لا حول ولا قوة إلا بالله.. أحسنت كاتبنا الرائع، أسلوب ذكي كالعادة في المقال كما هي مقالات سابقة قرأتها لك تحياتي وتقديري..
ردحذفأخوكم/ د. نزار شاكر
جدةـ المملكة العربية السعودية
مقال يحمل فائدة وكم من المعلومات شكرا
ردحذفمقال شيق وجميل واضح فيه ثقافه الكاتب تعرفت عليه هنيا واتمنى اقرا له اكثر
ردحذف