هل ينبع تقييم الإنسان لنفسه من معرفته بتفاصيل نفسه؟ أم من تقييمها من قبل الآخرين؟
يفرح بعضنا كثيرا ويرحب بأي تقييم من أي مؤسسة دولية مرموقة أو حتى مشبوهة الأهداف يضعنا في رأس قائمة تقارننا بالآخرين إيجابيا، وينزعج ويشكك في أي تقييم - حتى لو جاء من نفس المصدر - يضعنا في أسفل قائمة مماثلة. وبالعكس، في مفارقة تستحق وقفة تأمل، يرحب بعضنا الآخر بأي تقييم من مصدر داخلي أو خارجي يصنفنا سلبيا، حتى لو انحدر إلى هجوم مقذع مثل بعض قصائد الشاعر نزار قباني، أو أحمد مطر التي قالت في العرب ما لم يقله مالك في الخمر، ويعطي قائلها مصداقية مضاعفة على أساس أنه لا يجامل ويسمي الأشياء بأسمائها.
وبين الموقفين نتعرض لتهمة التحيز للذات والرغبة في صبغ الحقائق بلون زاه، أو لتهمة جلد الذات والتحيز لرؤية الجوانب السلبية فقط.
نشر مؤخرا تقرير منظمة الشفافية العالمية يعتمد مؤشر مدركات الفساد ليرتب الدول من حيث مواقعها في قائمة مقارنة رتبها بين الأفضل 1 إلى الأسوأ 200 حسب ما يمارس فيها من محاربة للفساد الإداري. وهذا العام ارتفع موقع المملكة العربية السعودية من الرتبة 63 في التقييم الأسبق متحسنا إلى 50 في قائمة من 178 دولة. وفي حين رأى البعض في هذا تحسنا يدعو إلى الإعجاب رأى فيه آخرون أنه سلبي أو كما علق أحد الأصدقاء في الفيسبووك:» لأنها تظل نتيجه غير مشرفه يادكتوره ثريا. بلد مسلم وثري ويحكم بالشريعة، يفترض أن يكون قدوة لكل دول العالم في قلة الفساد والشفافية التي تخدم الصالح العام.».
قلت:» يفترض!!! ها أنت وضحتها يا عبدالله.. لعل ذلك يوضح لك أن ما يفترض ليس دائما حقيقة لأن المثاليات التي نقدسها ونعلنها شيء وما نمارسه كأفراد شيء آخر.. مع حرصي على عدم التعميم فليس كل الأفراد مزدوجي المعايير..»
الأمر لا يتعلق فقط بمصداقية المصدر واحترامنا لمعاييره وإدائه، ولا بمعرفتنا لأنفسنا وصدقنا في مواجهة تفاصيلها، بل يتعلق غالبا باحترام الفرد لنفسه وتفاصيل انتمائه وبرغبته في أن يحتفظ بشعوره في احترام الآخرين له.
واحترام الإنسان لذاته يتجذر طبعا في المعايير التي يختارها للتفضيل أو بالأحرى اختارها له من وضح له في صغره قائمة المرغوب والمقبول والمكروه والمرفوض من الصفات والمميزات: البعض يراها في انتمائه الطبقي أو القبلي أو العقائدي. ومتى ما أكد الفرد لنفسه وجود تلك المعايير فيه أو في الفئة التي ينتمي إليها شعر بالرضى والفخر، ولربما فعل ما فعله الشعراء سابقا من التلذذ بنظم قصيدة فخر ضافية. والغالب أن القائمة لا تشمل إنجازات الفرد كفرد بل تفاصيل الفئة التي يحمل هويتها.. وقد يجبره تقييم الآخرين على الاعتراف غصبا عنه بأن هذه المعايير التي يراها جماعته إيجابية هي في الحقيقة سلبية، فإما ان يتشبث بخيار تفضيلات من ينتمي إليهم ويرفض التقييم جملة وتفصيلا.. أو يوثر الانشقاق على المعايير المحلية ويعلن انه متبرئ من حامليها والمباهين بها.
ثم يعلن أفراد هنا وهناك؛ لا ينتمون أصلا إلينا، مشهورون مثل السفير الألماني في المغرب مراد هوفمان، وسفير إيطالي أسبق في الرياض وأخت زوجة توني بلير؛ أو مغمورون مثل السائق الفليبيني والشغالة الهندوسية، تحولهم إلى الدين الإسلامي، فنفرح ونبتهج ونعلن احتفاءنا وتهانينا؛ ولا ضير في ذلك فهو - على الأقل في ظاهره- إثبات أن معتقداتنا هي الأمثل والأكثر إقناعا وتفضيلا واجتذابا
يفرح بعضنا كثيرا ويرحب بأي تقييم من أي مؤسسة دولية مرموقة أو حتى مشبوهة الأهداف يضعنا في رأس قائمة تقارننا بالآخرين إيجابيا، وينزعج ويشكك في أي تقييم - حتى لو جاء من نفس المصدر - يضعنا في أسفل قائمة مماثلة. وبالعكس، في مفارقة تستحق وقفة تأمل، يرحب بعضنا الآخر بأي تقييم من مصدر داخلي أو خارجي يصنفنا سلبيا، حتى لو انحدر إلى هجوم مقذع مثل بعض قصائد الشاعر نزار قباني، أو أحمد مطر التي قالت في العرب ما لم يقله مالك في الخمر، ويعطي قائلها مصداقية مضاعفة على أساس أنه لا يجامل ويسمي الأشياء بأسمائها.
وبين الموقفين نتعرض لتهمة التحيز للذات والرغبة في صبغ الحقائق بلون زاه، أو لتهمة جلد الذات والتحيز لرؤية الجوانب السلبية فقط.
نشر مؤخرا تقرير منظمة الشفافية العالمية يعتمد مؤشر مدركات الفساد ليرتب الدول من حيث مواقعها في قائمة مقارنة رتبها بين الأفضل 1 إلى الأسوأ 200 حسب ما يمارس فيها من محاربة للفساد الإداري. وهذا العام ارتفع موقع المملكة العربية السعودية من الرتبة 63 في التقييم الأسبق متحسنا إلى 50 في قائمة من 178 دولة. وفي حين رأى البعض في هذا تحسنا يدعو إلى الإعجاب رأى فيه آخرون أنه سلبي أو كما علق أحد الأصدقاء في الفيسبووك:» لأنها تظل نتيجه غير مشرفه يادكتوره ثريا. بلد مسلم وثري ويحكم بالشريعة، يفترض أن يكون قدوة لكل دول العالم في قلة الفساد والشفافية التي تخدم الصالح العام.».
قلت:» يفترض!!! ها أنت وضحتها يا عبدالله.. لعل ذلك يوضح لك أن ما يفترض ليس دائما حقيقة لأن المثاليات التي نقدسها ونعلنها شيء وما نمارسه كأفراد شيء آخر.. مع حرصي على عدم التعميم فليس كل الأفراد مزدوجي المعايير..»
الأمر لا يتعلق فقط بمصداقية المصدر واحترامنا لمعاييره وإدائه، ولا بمعرفتنا لأنفسنا وصدقنا في مواجهة تفاصيلها، بل يتعلق غالبا باحترام الفرد لنفسه وتفاصيل انتمائه وبرغبته في أن يحتفظ بشعوره في احترام الآخرين له.
واحترام الإنسان لذاته يتجذر طبعا في المعايير التي يختارها للتفضيل أو بالأحرى اختارها له من وضح له في صغره قائمة المرغوب والمقبول والمكروه والمرفوض من الصفات والمميزات: البعض يراها في انتمائه الطبقي أو القبلي أو العقائدي. ومتى ما أكد الفرد لنفسه وجود تلك المعايير فيه أو في الفئة التي ينتمي إليها شعر بالرضى والفخر، ولربما فعل ما فعله الشعراء سابقا من التلذذ بنظم قصيدة فخر ضافية. والغالب أن القائمة لا تشمل إنجازات الفرد كفرد بل تفاصيل الفئة التي يحمل هويتها.. وقد يجبره تقييم الآخرين على الاعتراف غصبا عنه بأن هذه المعايير التي يراها جماعته إيجابية هي في الحقيقة سلبية، فإما ان يتشبث بخيار تفضيلات من ينتمي إليهم ويرفض التقييم جملة وتفصيلا.. أو يوثر الانشقاق على المعايير المحلية ويعلن انه متبرئ من حامليها والمباهين بها.
ثم يعلن أفراد هنا وهناك؛ لا ينتمون أصلا إلينا، مشهورون مثل السفير الألماني في المغرب مراد هوفمان، وسفير إيطالي أسبق في الرياض وأخت زوجة توني بلير؛ أو مغمورون مثل السائق الفليبيني والشغالة الهندوسية، تحولهم إلى الدين الإسلامي، فنفرح ونبتهج ونعلن احتفاءنا وتهانينا؛ ولا ضير في ذلك فهو - على الأقل في ظاهره- إثبات أن معتقداتنا هي الأمثل والأكثر إقناعا وتفضيلا واجتذابا
. وتعلو أصوات بعضنا انتقادا لممارسات»العرب» أو»المسلمين» في الخارج حيث نراهم يمثلوننا أسوء تمثيل، ولكننا نتساهل ونغض
الطرف ولا نرى تجاوزات الأقربين في الداخل في تطبيق هذه المثاليات: أبناء الجيران الذين لم ينشئهم آباؤهم على احترام الجوار، والسائقين المخالفين، والآباء الذين يعضلون بناتهم، والموظفين الذين لا يؤدون واجبهم كما يجب، والراشين والمرتشين.
و ما خفي كان أعظم..
و ما خفي كان أعظم..
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفأزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفناجي أرجو منك عدم المجئ هنا ثانية أنت شخص غير متحضر إطلاقاً
ردحذفمقال رائع تحياتي أبورايد
ردحذف