نحن أمة ابتدأت أول تعليمات عقيدتها بتوجيه سام واضح «اقرأ..»!!
و»اقرأ» هنا لا تعني فقط فك الحرف وتفسير رموز منقوشة مسطورة على ورق من اليمين إلى اليسار إن كنت عربياً أو من فوق إلى تحت إن كنت صينياً أو يابانياً! أبعاد وأهمية التوجيه العميق في «اقرأ..» تأتي فيما يليها من الآية الكريمة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم}؛ أي في ربط فعل القراءة المطلوب بالكون وفعل الخالق، وإحسان إكمال المخلوق من مرحلة العلق إلى مرحلة الاكتمال بعقل يعي العلم ويستطيع التعلم ويستوعب ما لم يعلم بدءا حين كان نطفة وعلقاً.
فالبدء يأتي في استخدام البصر, وتنبيه ثم تنبه البصيرة؛ أي عبر فعل الرؤية والتأمل فالتدبر والاستنتاج يصل ب»القارئ» الرائي المتأمل المتفهم إلى تفعيل ما منحه الله من قدرة كانت مجرد إمكانية في ذلك «العلق» الهلامي الأول!
فهل نعي اليوم في تناقضات الحجر على العقول، وصراعات الوصاية والهيمنة على الأفكار والمبادئ، كيف يتناقض هذا التوجيه المميز للعقل مع ممارسات أغلبنا على أرض الواقع؟ حين يكتفي من التعليم بالتلقين البحت؟ ومن التعلم بالحفظ الببغائي دون تدبر؟؟ وحين يلغي من العملية التعليمية جانب التفكير الذاتي المتأمل المتدبر بطاقة قدرته الخاصة؟؟ وحين يرفض أن نضيف إلى المحدود الذي نعلمه ونجيزه ذاتياً ما أضافه غيرنا من اكتشافات مذهلة لمخزون المعرفة الإنسانية؟
هل يدرك كم هو جان أمام الله حين يحرم جيل النشء من الاطلاع على ما يستجد علمياً في عصر تزايد متسارع لمستجدات العلم والتقنية؟ يفعل ذلك مقتنعاً بغباء أو تغابٍ ومسلحاً بعذر يتناسب والذنب هو حماية عقولهم الغضة من.. التلوث؟
أم أن باب الروادع المعقول سينتهي بتحنيط العقول اللا معقول؟؟
من تجربتي في القراءة ثم الكتابة أن القارئ - حتى حين يمر بالسطور مرور الكرام أو كعادة تعودها ضمن نشاطات يومه - يبحث عن محتوى فيما يقرأ متأملاً العنوان وربما أول بضعة أسطر أو صفحات. وقد يمر فوق السطور أو يقلب الصفحات سريعا ليحكم على ما بيده.. وبناء عليه قد يكمل قراءة ما بدأه من موضوع جريدة أو مقالة أو كتاب أو قد يضعه جانباً دون أن يقرأه.
عمّ يبحث القارئ؟؟
أحياناً تفاصيل خبر بعينه أو معلومات تفصيلية يحتاج إليها لغرض خاص.
أحياناً الاطلاع على المستجدات في قضية أو حدث ما.
وأحياناً شيء جديد يضيفه إلى معرفته.
وأحيانا معلومات علمية متخصصة يشد للبحث عنها الرحال منقباً في مكتبات العالم ومراجع البحوث.
ولكن في حالة أنه لا يبحث عن شيء معين فإن القارئ غالباً ينجذب إلى ما يعده باكتساب مهارة خاصة ستنفعه في مساعيه اليومية للنجاح في الوصول إلى أهدافه الخاصة به.
ولهذا فمبيعات الكتب من نوعية «كيف تصبح.. أو كيف تصل إلى الهدف العلاني في كذا خطوة» هي غالباً الأكثر مبيعاً. وهذه الأهداف تختلف من فرد لآخر؛ هذا يود أن يصبح غنياً بأسرع طريق.. وهذا يود أن ينشئ أبناءه بأحسن طريقة.. وهذا يود أن يتعلم كيف يختار أفضل المنتجات.
ليتنا نفهم من أول كلمة: «اقرأ..» أن كتاب الله لنا هو عن «كيف تشغل عقلك لتحقق اكتمال ما وضعه الله فيك».
نحن أمة لا نقراً للأسف الشديد ؟
ردحذفيجب أن يكون هناك مبادرات للتشجيع على القراءة ومن لا يقرأ إلا ما يحب فلن يتعلم أبداً أبداً..
ردحذفرائع جداً أنظروا كيف يهتم الغرب بالقراءة هم يقرأون في كل مكان ونحن أمة تزداد جهلاً عجبي
ردحذفأنا أحب الدكتورة ثريا مقالاتها رائعة وكلامها منطقي اتفق مع أغلب طروحاتها إن لم تكن كلها...
ردحذف