.. لا أدري هل المسمى صحيح أم لا ( النشأ ) أو( النشاء ) المهم أنه إسم لتلك المادة التي يضعها (المكوجي ) على الثياب والأشمغة لتبدو منشاة كرتونية المزاج .. وليعذرني الإخون من أهل النحو والصرف والجر والفتح والنصب .
في خليجنا الجميل ، كثر استخدام هذا المنتج بين الكثير من الرجال ممن يعشقون ( التنشي ) ، وأضحت عملية الالتفات أو لف الرقبة شيئا صعبا بالنسبة لبعضهم كي لا تخرب ( الرزة ) ، فهناك المهندس الكيميائي ، وطبيب التحاليل الطبية ، والباحث الإجتماعي ، ومهندس البترول ، وحتى سكرتير معالي الشيخ .. الكل يعشق أن تُرى صورته محنطة .. آلية .. جافة . لماذا .. لا أدري .
سنوات طوال قضاها البعض في البحث وفي الدراسة ، بين الأجهزة ، والأحماض،والبيانات ، والمشارح .. أملا في أن يصبح شيئا ما ذات يوم .. إنسان جاء ليفكر وليبني وليعمل .. لكن المحصلة هي أن العمل الذي أتقن التدريب عليه أصبح عبئا وثقلا .. فطبيعة اللبس والنشاء لا تتناسب وطبيعة العمل .
أرقب البعض منا ، وكأنهم الطواويس ، مستعلون على (الفاضي ) .. خاصة إذا مالبسوا ثوبا من أثواب الشهرة ، وارتزوا بعباءة حساوية أو دمشقية ذات منشأ ياباني ، وأوصلتهم الأقدار إلى كرسي هزاز ذو أربعة أرجل .. أجدهم حين يسعفني الحظ أن أجدهم في بعض المناسبات وقد غدوا كالصم أو البكم .. شموخ لكن على (فاشوش ) ، ونظرات استعلاء واستكبار على ( ط …) ، واحساس بالعظمة لا أفهم من أين أتت ، وإلى أين ستذهب بأصحابها من حملة الدقيق الجاف أو النشاء .. !
حتى من ادعوا بـأنهم أصحاب علم وفكر .. حين أصادفهم أكاد أصرع من روائح البخور والأطياب الهندية التي تضمخوا بها ، وأكاد لا أجد الوقت الكافي للإقتراب من شخوصهم المكهربة أو حتى محادثتهم .. ففيهم من ألبس نفسه ثوب الفخامة وهو نحاسي طيني أرضي غبي تافه .. ناهيك عمن حذف عقاله كناية عن التواضع وارتدى عباءة موشاة بأفضل ما انتج من خيوط الذهب .. وعلى هذا وقس .
إسلاميون وليبيراليون واقتصاديون .. الخ . صنفوا أنفسهم دون أن يعوا معنى إسلامي أوليبرالي أو رجل اقتصاد ؟؟ غباء حاد ، وجهل مفرط ، وثرثرة رعناء لا يطلقها إلا طبل أجوف ، هو كل مانسمعه هنا وهناك في محافل بعض أولئك المدعين ومنابرهم ، لا ملكة ولا موهبة ولا قناعة ..
في عالمنا الخليجي لا زلنا في مرحلة المراهقة الفكرية ، لم ننضج بعد .. ليس هناك تصنيف علمي يمكن أن يعرف به ذلك التعرق والانخراط سوى أنه محاولة البحث عن الهوية .. البعض شدته ثقافة الغرب العريقة فأنتمى إلى قشرتها وهو مخشلب الذات فأضحى بين قومه وكأنه مارتن لوثر أو جون ويكلف أو إرازمس .. وهو في الحقيقة لا يملك من حصيدة مامضى من حياته سوى ما أجبر على قراءته واستيعابه في فترة تعلمه أو دراسته فقط، وفي زمن محدود .. كي يقال : أكاديميا .
آخرون ، اعتقدوا بأنهم من أصدقاء موسى بن نصير أو عبدالرحمن الداخل ، أو المثنى بن حارثة .. فقدموا أنفسهم على أنهم الأجلاء من الأبطال ، ودهاة العصر ممن سيعيدون للأمة كرامتها وهيبتها .. وأرهقوا أسماعنا بالكثير من الرغاء والقليل من الحكمة . ومنهم من جاء لينصب نفسه وصيا على أمة محمد ، وكأنه قد ابتعث من عهد عمر بن الخطاب إلى هذا العهد لينشر نهجه الشخصي وقناعاته المحدودة ضمن إطار بشري قاصر بسيط .. وقد تناسى فضاءات الدين الواسعة ومرونته وفسحة أفقه ، ومليار ونصف من حوله يسبحون ويهللون بكرة وعشية .. دون أن ينسى بطبيعة الحال موضوع النشاء .
الأدهى تلك الزمر المحنطة ممن أطلقوا على أنفسهم إسم (المثقفون ) ، أي ثقافة تلك التي تلغي الآخر ، وتتعنصر في ظل الفئوية ، وتنظر إلى عالمها من فرجة ضيقة فوق سدة متهالكة ؟! .. نفس الأشخاص ، ونفس الأسماء ، ونفس الأحاديث الببغاوية الممزوجة بالكثير من الرياء والنفاق هي التي تتكرر وهي ما ُأزعجت به الآذان والأبدان ، وعلى مدار سنين طويلة .. ظلت مملة .. ثقيلة .. لا تشبه إلا ثقل طينتهم . من مجمع إلى آخر ، ومن زاوية
إلى أخرى .. هُم هُم .. لاجديد ولا مزيد و لا منجز قد تحقق ، ولا أمة قد استفادت .. وأكثروا من النشا..
تذكر بأنك (لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ) ..
لكي تكون حرا ومعطاء .. عليك ألا تقبع تحت خرقة منشاة .. فهناك من يخطط لغزو المريخ .
بقلم: صالح الشادي
واضح إن الغترة بالصورة ما عليها نشا :)
ردحذفمقال طريف وجامد جدا
ردحذفجميييييييييييييييييييييييييييل
ردحذفأنا أحب صالح الشادي ، هذا المقال كأنه يتكلم على لساني هكذا تكون الكتابة تحياتي للكاتب ولك فهد
ردحذفبالعامية : كثروا من النشا لين الله يفرجها !!!!!!!!
ردحذف