كل آلة أخترعها الإنسان، وكل فكرة أبتكرها العقل البشري، هي في الغالب أتت لأجل الخير ولأجل إسعاد البشرية، ولكن.. ولأن هذا “الإنسان” يتشكل من ضدين هما: الخير والشر، كان عقله الشيطاني يجد ما يحوّل هذه الابتكارات والاختراعات من اختراعات خيّرة إلى اختراعات شريرة ومؤذية! “السكين” لم يخترعها الإنسان كأداة للقتل.. بل هو هذا العقل الشرير الذي حولها إلى آلة غدر وخيانة.. بدلاً من أن تكتفي بدورها بين أدوات المطبخ! “الديناميت” تم اختراعه لتفجير الجبال وتمهيد الدروب الوعرة ليتواصل البشر مع بعضهم البعض ويتغلبون على مصاعب الجغرافيا.. أتى العقل الشرير ليحوله إلى قنبلة تقتل الملايين. وهناك الكثير الكثير من الاختراعات البشرية التي حولها العقل الشرير من أداة لإسعاد البشر إلى أداة لإيذائهم (من أقدم وأبسط اختراع “السكين”.. إلى أحدث ابتكار مذهل قدمته التكنولوجيا الحديثة).. وأبرز مثال هو وسائل الاتصالات الحديثة (الانترنت - الهاتف النقال) والتي تتحول أحياناً على أيدي البعض من نعمة إلى نقمة. هناك من يقتحم خصوصيتك ويتجسس على أسرارك وملفاتك، وهذه جريمة. هناك من يرسل فايروس لتدمير جهاز الكمبيوتر أو جهاز الجوال، وهذه جريمة. هناك من يرتكب جرائم “التحرش” عبر هذه الوسائل، وهناك من يمارس الإزعاج اليومي. وهناك من يصور الصور الفاضحة، ويوزعها، ويمارس “الابتزاز” القذر من خلالها.. وهذه جريمة كبرى. لا بد من أيجاد قانون واضح وصريح يحمي الناس من هذه الجرائم، وان تكون هناك عقوبات صارمة تطبق بحق من يرتكب مثل هذه الجرائم لكي يتردد ألف مرة قبل الإقدام على جريمته.. لا بد من احترام خصوصية الناس والدفاع عنها ومعاقبة من يتجرأ على اقتحامها.. حتى وإن كان الأمر لا يتجاوز سرقة “أيميل” .. لا بد من “تقنين” الجرائم الالكترونية، ونشرها على الملأ، وعدم الاكتفاء بوضعها على الورق.. بل تطبيقها على أرض الواقع. ثم ما الذي يمنعنا من التشهير بهؤلاء “المجرمين” ونشر صورهم وأسمائهم في الصحف؟.. هم لم يترددوا في اختراق خصوصيات الناس و“كشف سترهم” .. فلماذا نتستر عليهم؟!.. فليكن هذا جزء من العقوبة. - أرجو من شركات الاتصالات كافة أن تقرأ هذا المقال وتتوقف عن توزيع الهواتف النقالة “مسبقة الدفع” تلك التي لا تعرف هويات أصحابها. - أرجو من “هيئة الاتصالات” أن تقرأ هذا المقال وتشرع قانونا يشارك بحماية الناس من الجرائم الالكترونية. - أرجو من “مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية” قراءة هذا الخبر: قررت الحكومة التركية البدء بمشروع قومي “أيميل وطني” لكل مواطن تركي وذلك لحمايتهم من التلصص، وسيكتب هذا البريد مع المعلومات الأساسية الواردة في بطاقة الهوية، وكل طفل يولد سيكتب في شهادة ميلاده تلقائيا بريده الخاص الذي يستخدمه في المستقبل. متى يصبح لدينا مثل هذا المشروع؟.. مع شرطين أساسيين: الأول: أن لا يستأثر عيال النعمة بـ“الأيميلات السنعة”. الثاني: أن لا يستخدم (لأغراض أخرى) وبدلا من أن يكون معنا.. يصبح علينا!
- بقلم: محمد الرطيان
- نشر في: صحيفة المدينة السعودية
- في: الإثنين 05/07/2010