على الطريق في أمريكا....!

van-home-pic أربع حلقات من البرنامج الوثائقي «على الطريق في أمريكا»، قدمت لأربعة شبان زاروا أمريكا بهدف التأثير والتغير، لكنهم أصيبوا بصدمة حضارية على ما يبدو، غيَّرت فيهم وجعلتهم يستسلمون للأفكار بدل مناقشتها، ورغم النقد الذي واجه العمل وشخصياته خصوصاً لناحية تمثيل الثقافة والدول العربية، إلا أن المشاركين مثّلوا فئة عمرية مهمة 20 - 25 سنة، وهي فئة تشكل غالبية المجتمعات العربية التي توصف بالشابة.
الجولة كانت مهمة، والأحداث تنوّعت بين التسلية، والمغامرات، والحوارات الدينية والروحانية والسياسية، وحملت أفكاراً مهمة، عرضت لوجهة نظر متفاوتة، وإسقاطات مهمة، منها الحديث عن الهنود الحمر وربط فكرة البقاء والأرض مع قضية الشعب الفلسطيني، كما فكرة المقاومة السلمية التي أطلقها «السود» في أمريكا لكسب حقوقهم الوطنية، وإثارة فكرة غياب اللوبي العربي الفاعل عن مركز صناعة القرار العالمي، واشنطن.
الحلقة الرابعة كانت بامتياز حلقة التحولات لقيمة الموضوعات المطروحة، وتحديداً موضوع تحولات «السود» من العنصرية والتميز، إلى أن يصبح رئيس أقوى وأهم دولة عالمية في هذا القرن رجلاً أسود، - أوباما -، تجسيداً للحلم الأمريكي، الذي بحث عن حرية تحققت، فأمريكا كما تعرف نفسها تعيش «حالة عمل جار ومستمر»، فيما كلمات الحلم تتكرر باللون الأبيض والأسود: «الحكم على الناس من شخصياتهم لا من لون بشرتهم»، «أحرار أخيراً»، وفيه فضح لعنصريتنا المقيتة، التي تتخذ أشكالاً مختلفة وتتقلص في دوائر جهل بغيضة.
المهم في العمل حلقة النقاش التي عمل الزملاء في استديو ال(إم بي سي) على تحقيقها، بعد عرض العمل على شاشتها، حوار ملفت وشفاف، في مواجهة الجمهور، جعلت من العمل المثير مساحة مهمة للجدل، جدل أكبر مما أثاره العمل الترفيهي نفسه، وشخصياته المشاركة والمنتج المنفذ، الذين لم تكن إجاباتهم مقنعة، أو متوفرة أصلاً، فالشخصيات كانت مستقبلة لا مرسلة للأفكار والرؤى، ولم يكن لديها قابلية للرفض أو الجدل أو حتى الاعتراض، سواء في القضايا الفكرية أو السياسية الرئيسية، أو حتى في المواضيع الجانبية الأقل، رغم أهمية الفكرة التي تتكرر في العمل (أن يجتمع الناس، ليس للاتفاق ولكن للحديث مع بعضهم على الأقل).
الأمر الذي يطرح سؤالاً مهماً: هل هذه حقيقة الجيل في هذه الفئة العمرية؟ أعني هل هم أكثر قابلية للآخر، وأكثر اندماجاً من الأجيال السابقة مع الآخر؟ هل لديهم محاذير ثقافية وحضارية، وحتى دينية أقل..؟ هل هم أقل عدائية..؟
هذه الأسئلة في اعتقادي هي الأهم في حلقة النقاش، إلا أن أجوبة عن هذه الأسئلة تحتاج إلى دراسات متعمقة لجيل الشباب، أو للجيل الجديد، وهو للأسف - أيضاً - أمر لا يضمن تحقيقه في عالم عربي شفهي، لا يلقي قيمة للدراسات والاستقصاء، أو لا يتعاطى معها بجدية.
إلى لقاء..

  • بقلم: ناصر الصرامي
  • زاوية: ممر – صحيفة الجزيرة السعودية
  • الثلاثاء 11 إبريل 2010
  • إرسال تعليق

    أحدث أقدم