مسئول ميت!

SamarAlmugren عندما يصل اقتراح ما إلى سمع مسؤول، أو تقرأ عيناه مقالاً مفيداً للمواطنين، ولا يستجيب فلا تستعجبوا، ذلك لأن لديه أسبابا وجيهة في الرفض. فعلى الرغم من أن بعض الاقتراحات مفيدة جداً في تطوير إدارته ومنشأته، وبعضها الآخر ضروري جداً لحياة الناس. وعلى الرغم من أن المسؤول سافر كثيراً إلى دول العالم، ورأى كيف أن هذا النظام مطبق في دول عدة، بينما في إدارته الموقرة لم يُطبق بعد، فإن لدى المسؤول عذرا يبرر أفعاله، فهو مؤمن بأن هذه التغييرات مهمة، لكن عندما يقرر أن يغير، فهذا معناه أنه سيعقد اجتماعات مطولة، يحث فيها مدراء الإدارات التابعة له على أن يعملوا بهذا الاقتراح، وهذا يضيع وقته الثمين! إضافة إلى أنه سيلاقي معارضة من بعض مدراء الإدارات، لأن هذا متعب لهم كثيراً، وهناك مدراء آخرون سيطالبون بمزيد من المخصصات من بنود ميزانية الإدارة الحكومية، وهو لا يملك الكثير، لكنه يملك بنود الاحتفالات والانتدابات التي يحتاج إليها في المناسبات التي تأتي فجأة على إدارته، فلذلك لن يفرط فيها. إضافة إلى أن مدراء الإدارات يواجهون تعنت رؤساء الأقسام الذين يرجعون تعنتهم ورفضهم للموظفين التابعين لهم بأنهم كسالى وغير متفاعلين مع أي نظام جديد.
المسؤول يعلم أيضاً أنه إذا ما عمل على المقترحات الجديدة التي ستجعل المواطن سعيداً راقياً واعياً، يعلم أيضا أنها ستجلب عليه بعض المتاعب والشكاوى، بسبب أن كل نظام جديد لا يولد من دون مشاكل وعقبات، وهو يكره المشاكل والعقبات، كذلك هو لا يملك الوقت الكافي للرد على الشكاوى والتفاعل معها، فبقاء الحال على سوئه أفضل من خروج إدارته بمشاكل جديدة هو في غنى عنها، وهو لا يؤمن بقضية التجربة، بل يؤمن أن يأتي بقوة، أو يبقى بقوة في مكانه.
بعض المسؤولين لدينا يخافون من العواقب أكثر من التجديد، ويخافون أن يوقعوا موظفيهم في أخطاء أكثر من حرصهم على تطوير إدارتهم، وأي نظام جديد يجب أن يفرض عليه من سلطة أعلى، أو أن يتضرر أناس أو يهلك آخرون أو يتأذى الكثير من المرافق حتى يقر هذا النظام الجديد، أو إنه يحتاج إلى أن تقاضى إدارته عشرات المرات في ديوان المظالم، وتخسر القضية تلو القضية، حتى تبدأ فكرة التغيير تلوح في أفقه، إن هذه الأشياء فقط هي التي تجعل المسؤول يفكر في استحداث نظام جديد مفيد.
المسؤول يسافر كثيراً إلى أوروبا وأميركا، ويرى كيف أن الأنظمة هناك متطورة، وعندما يعود، يرجع ويتكلم عن أن الناس هناك تحترم النظام، ولا يتحدث عن أن الإدارات هناك هي من أسست النظام، وفرضت احترامه من قِبل الناس، ودائماً يُلقي باللوم على المواطن في أنه لا يلتزم بالأنظمة، وهذا ما جعله لا يجرؤ، ولا يتشجع على إصدار نظام جديد لمصلحة الناس، فالسبب الناس والمواطن، أما هو فهو بريء!
ومع أن نظام إدارته لم يتغير منذ عقود، إلا أنه مصر على أن العيب ليس في الأنظمة، بل في أن آخرين يحاربونه حسداً من عند أنفسهم، ويغارون منه ويريدون أن يتحرك من كرسيه، ليس من أجل مدير صالح يتولى إدارة مؤسسته بدلاً منه، بل من أجل الكره الذي يكنونه له.
سؤال: هذا المسؤول هو أنا وأنت وذاك، فلماذا نتهرب من صورتنا القاتمة هذه؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم