أحسنت وزارة التعليم العالي بتوجيهها لملحقياتها الثقافية، بترجمة روايات سعودية بلغة البلد التي تقع فيها أو اللغة الرسمية لذلك البلد خلال عام من الآن.
أهمية مثل هذا المشروع تأتي لإثراء المشاركات السعودية في المحافل الثقافية الدولية، ومكتبات الملحقيات، لتقدم نافذة لتطور الأعمال الأدبية في البلاد، وإنتاجها الذي يعتبر الأرقى عربياً لناحية تنوعه وجدته وإبداعه وجرأة طرحه. أضف إلى ذلك أن المبادرة تدعم الطفرة الروائية السعودية ليتم تصفح إبداعاتها بلغات العالم، ولإظهار الحركة الثقافية السعودية بالشكل اللائق عبر تقديم النماذج الأدبية المعتبرة.
من المهم الإشارة هنا إلى أن قرار وزارة التعليم العالي لم ينص لا من قريب أو من بعيد على الآلية التي تلزم الملحقيات الثقافية باختيار الروايات، تاركاً الحرية لمسؤولي ملحقيات عشرين بلداً حول العالم لاقتراح وترجمة ما يرونه؛ فالأسماء الروائية السعودية اليوم عديدة ومتنوعة والمشروع ليس مخصصاً لرواية دون غيرها.
وحتى الساعة، لم تحدد الوزارة أسماء الروايات التي تعتزم ترجمتها، بل تركت حرية الاختيار للملحقيات، هو أمر إيجابي للغاية حيث سيعكس التنوع في الاختيار من لغة إلى أخرى، بما يتناسب مع السياق العام لكل ثقافة وحضارة أو دولة، باعتبار أن الملحقيات على اطلاع أقرب للمشهد الثقافي في كل بلد، ولكون الترجمة ستتم في البلد نفسها عبر ناشرين محليين لهم القدرة في معرفة ذائقة القراء بهذه الدولة أو تلك.
قرار يستحق الإشادة، ومثل هذه المبادرات ستكون مطلوبة من أكثر من مؤسسة وإدارة ووزارة لإثراء الحركة الثقافية في البلاد وإيصالها إلى العالم، كل العالم.
والمؤسف هذا (الإرجاف) - المكرر - من قبل تيارات متشددة تحاول تشويه مشاريع وطنية عالمية من هذا النوع، وتغذي - بكل أسف - رموزاً دينية بمعلومات مغلوطة عن قصد، لتشن هجوماً وتكفيراً وتجريماً لرموز أدبية وثقافية سعودية مرموقة على الصعيد الإقليمي والعربي، وأن من اقترح هذا البرنامج ورشح هذه الروايات هو (فاسد الفكر ويسعى لتشويه صورة المملكة). مع أنه لا توجد روايات مرشحة للحكم عليها أو إبداء الرأي فيها حتى الآن!
المشروع مخصص بطبيعة الحال للأعمال الروائية الأدبية وموجهة عالمياً للخارج، وبالتالي فإن الروايات المختارة ستكون من بين الأعمال التي تتسم بالإبداع والتجديد والبعد عن السائد والتقليد في اللغة والفكر والبناء الروائي المحبوك، وهي تختلف عن معايير كتب الإرشاد والتوجيه والنصح والمنشورات التقليدية.
مشكور هذا الجهد لنشر الإبداع السعودي عالمياً، ومثل هذه المبادرات المباركة لتقديم صورة إيجابية عن الحراك الثقافي في الساحة المحلية بتقديم صورة مغايرة للصورة النمطية الحالية عن الثقافة السعودية.
إلى لقاء
بقلم: ناصر الصرامي