فوالة المتنبي

عيد بأية حال عدت يا عيـــد
بما مضى أم لأمر فيك تجديد

هذا ما نظمه شاغل الناس وسلطان الشعراء بلا منازع "ابو الطيب المتنبي" عن قدوم العيد .
وقد عارضته بقولي :
هنأتنا بالعيد فأضحى العيد عيدان
عيد تعودناه وعيداً منك فيه تجديدُ
حسناً ولكن ما هذا الخلط العجيب ، عيد وشعر وفول أم أقول الخلطه العجيبة تيمناً بالفول وخلطاته المتعددة , هل قتلك الفضول ؟
لا عليك , سأخبرك ما هيه الخلطة أقصد العلاقة بين كل هذه الأشياء المتنافرة .
بسم الله وبه نستعين ، البداية كانت بطبق فول اجتاحه تسونامي من السمن الذيذ في جلسة سمر مع بعض الأصدقاء فتذكرة أني قبل سنوات مضت قد اشتهيت أكلة فول فمرة بشارع يعج بالمحال التجارية وإذ بي أقرأ على لوحة التعريف بنشاط أحد هذا المحال (فوالة المتنبي ) فضربت صفحاً عن أكل الفول وعدة من حيث أتيت وأنا غارق كما يغرق الفول في السمن الذيذ في الكثير من الأسئلة .
هل أشتهر المتنبي بحب الفول ؟ أم لعله نظم قصيدة عصماء في مزايا ومحاسن الفول العظيم ولم تصلني ؟ ، ثم حملني حسن الظن للاعتقاد بأن صاحب المحل يحمل لقب المتنبي ومن حقه أن يسمى المحل على أسمه ،ثم جنح بي الخيال بعيداً وتخيلت صاحب المحل من محبين المتنبي وشعره وما عليك للحصول على طبق مجاني سوى سرد قصيدة للمتنبي ! هذا ما كان من أمر الفول أما العيد والشعر فنحن في أيام عيد وكل عيد يتكرر هذا البيت للمتنبي عبر الصحف و وسائل الأعلام كاستفتاح للمقالة هنا وتهنئه هناك .
وهذا قليل من كثير فهناك مثلاً (مطعم هارون الرشيد) والذي أشك في أنه يقدم لمرتاديه ما كان يقدم على موائد هارون الرشيد ، ثم يتعاظم الجهل ليصل لمنتهاه ليطال بيت الله الحرام فتجد صورة الكعبة المشرفة  تتوسط أسم المحل (ملحمة مكة) أو (شواية القدس) التي لم نستطع استردادها ونسيناها ثم أهناها بهذا النعت ، أيه الأخوة والأخوات أنها مهزلة (ومن يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت ايلام ) والقائمة طويلة , طويلة بطول حسراتي وعظم حنقي فهناك (مغسلة البحتري) و( ورشة الحطيئة) (وكوافير (لاحظ الاسم الأعجمي) الخنساء )رضى الله عنها ، بالفعل هيه خلطة عجيبة !
أم يسير الأمر كما يقول المثل (كله عند العرب صابون) ربما فما أدراني أنا وأمثالي بهذه الأمور ، وهناك من المصائب والحروب والمآسي ما يجعلنا لا نهتم بمثل هذه الصغائر .
صغائر ، سبحان الله . هل يهان بيت الله ونقول صغائر هل يدنس أسم خليفة من أعظم ملوك الأرض ونقول صغائر ، نحن لم نفلح لا في الحروب ولا في رد المصائب والمآسي عنا ولا حتى في تعليب الفول أنه يئتينا من مزارع كالفورنيا كأحسن ما يكون عليه الفول . الفول من نعم الله فالحمد لله على نعمه لكن هذا الشاعر العظيم لا يستحق منا هذا الربط المزري بينه وبين الفول ، كم كلية للآداب تحمل أسمه ؟ أتسائل فقط ، بالطبع المجمعات التجارية الفخمة لا تكتمل فخامتها الا إذا حملت تسمية أعجمية , هل أخاف اندثار اللغة العربية .
بالطبع لا ، ولطالما عجبت لكبار الكتاب والعلماء وهم يخوفوننا من ذلك ، فكما تكفل الله بحفظ القرآن الكريم فستحفظ هذه اللغة , هل هية مسألة شكليات , ربما لكن من أبسط الف باء الحضارة الشكليات والبدء من المهم الى الأهم بيد أن كل هذا يذهب هباء تثروه الرياح أمام نتيجة مبارة في كرة القدم كأداة توقع حرباً بين دولتين ، أنهم العرب على مشارف الألفية الثانية بعد ناقة البسوس وفرسى داحس والغبراء ! حجاج بيت الله وضيوفه مهددين من شراذم رافضة بني فارس ونحن نهدر الطاقات والوقت لمحاولة وقف حرب بين بلدين شقيقين بسبب كرة القدم هل أصبحت عقولنا في أقدامنا ، لا حول ولا قوة الا بالله .



  • بقلم: خالد الزهراني ـ الخبر (المملكة العربية السعودية)




  • الثلاثاء: 28 نوفمبر 2009


  • 4 تعليقات

    1. كل عام وأنتم بخير .. عيدكم مبارك إن شاء الله..

      ردحذف
    2. محبوبة - جدة03 ديسمبر, 2009 13:10

      أخي الكريم خالد /// موضوع جيد أتمنى لك المزيد من الازدهار...
      أرجو أن تتحدث عن كارثة جدة..

      ردحذف
    3. كريمة سيد25 مارس, 2010 02:07

      الله يوفقك يا خالد ..
      رائع جدا للأمام إن شاء الله

      ردحذف
    أحدث أقدم