يتضمن كتاب جديد صدر في ألمانيا للكاتبة الألمانية التركية الأصل، سيران أتيس، دعوة إلى ثورة جنسية في الإسلام حيث ترى أليس أن الثورة الجنسية إندلعت في العالم الإسلامي على الصعيد الشخصي للأفراد لكن بشكل مستتر وخفي.
الكتاب يطرق مجدّدًا إلى موضوع أثار لغطًا كبيرًا بين مفكّرين إسلاميّين وعلمانيّين من الشرق والغرب على حد سواء، ولا سيما أنّ هناك من يدعو إلى التحرّر الجنسي مقابل آخرين يرون أن العالم الإسلامي يجب أن يتصدى بقوة لإباحية بدأت ملامحها تظهر في بعض البلدان الإسلامية.
كتب عدنان أبو زيد من برلين: صدر في ألمانيا الجمعة الماضية كتاب "الإسلام بحاجة إلى ثورة جنسية" دعت فيه كاتبته الألمانية التركية الأصل، سيران أتيس، المسلمات إلى الاستقلال في القرار بشان حياتهن الجنسية، داعية في الوقت ذاته العالم الإسلامي إلى ثورة جنسية هو في أمس الحاجة إليها للقضاء على تبعية المرأة الجنسية للرجل والدين والعادات الاجتماعية. وتروي أتيس في كتابها أنها منذ ولدت ينتابها شعور أن بين ساقيها منطقة محرمة ومن المفروض ألا يكون لها وجود. وفي ما يخص الصبيان ترى أن هناك شعورًا بالعيب أن يكون لهم أعضاء جنسية.
ثورة جنسية
لكن أتيس ترى أن الثورة الجنسية اندلعت في العالم الإسلامي على الصعيد الشخصي للأفراد لكن بشكل مستتر وخفي. وترى أن الوقت حان لأن تعم الثورة الجنسية في كل مكان من العالم الإسلامي لكي يلحق بالمجتمعات المتقدمة والمتفتحة. لكن أتيس لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في طرق باب موضوع أثار لغطًا كبيرًا بين مفكرين إسلاميين وعلمانيين من الشرق والغرب على حد سواء.
فقد دعا الباحث المغربي البروفيسور عبد الصمد ديالمي في حديث له العام الماضي لإذاعة هولندا العالمية إلى الحق في المساواة الجنسية بين الذكر والأنثى، داعيًا إلى قراءة النصوص المقدسة بما يتلاءم وروح العصر. وقال إن كل النصوص قابلة للتأويل، وأن الإيمان والعقائد لا تلزمنا كمسلمين باستخلاص الشرائع من الكتاب والسنة.
ودعا ديالمي إلى ما أسماه بالحداثة الجنسية التي تقوم على المساواة أمام الجنس بين النساء والرجال، بين المتزوّجين وغير المتزوجين، بين الغيريين والمثليين.
ويرى انه الإنسان حين يجوع جنسيًا، وحينما يكون محرومًا من المتعة الجنسية، فإنه يتحول إلى شخصية أصولية، متشددة رافضة للابتسام، رافضة للتعايش ويمكن أن تفجر نفسها ضد الآخرين.
جنس مرفوض
ويرى ديالمي أن النصوص الإسلامية،، لا تقبل بهذه المساواة ظاهريًا ونصيًا. فالنصوص الإسلامية تعطي فقط هذه الحقوق للمتزوج دون الأعزب. كما أن الجنس المقبول والسوي هو الجنس بين المرأة والرجل، الجنس الغيري. أما الجنس بين الرجل والرجل وبين المرأة والمرأة فهو جنس مرفوض. لكن ديلمي يرى أن كل نص قابل للتأويل. لا بد من تأويل النص في والاجتهاد في اتجاه المساواة (سن الزواج مثلا). وأن نفصل بين الإيمان والقوانين.
ويرى أن قراءة النصوص من طرف النساء محددة، ليس انطلاقًا من الجنس بل انطلاقًا من المنظور. فالنساء 'النسويات‘ يقرَأْنَ النصوص انطلاقًا من قناعات خاصة بالمساواة، ويجدن هذه الاخيرة في النصوص القرآنية وفي السنة. أما النساء 'الإسلامويات‘ فهن يرفضن مبدأ 'المساواة بين الجنسين‘، ويقلن فقط بمبدأ 'العدل بين الجنسين‘. للمرأة حقوق وللرجل حقوق وهذا هو العدل. وبالتالي حينما تكون المرأة 'الإسلاموية‘ غير مقتنعة بمبدأ المساواة، فإنها لن تبحث ولن تجد المساواة في النص المقدس.
وبلورت نظرة الأديان للجنس اتجاهات متضادة، ليس في الدين الإسلامي فحسب بل حتى في صفوف رجال الدين المسيحيين من جهة ومفكري العالم الغربي العلمانيين.
ويرى القس الهولندي بيرل فان دونك أن المسيحية لجمت لقرون عديدة الشهوة الجنسية، مما تمضخ عن ثورة جنسية تكللت بفوز الإباحية في المجتمع الغربي. يرى انه مثلما يولد الجوع ثورات اقتصادية وسياسية فان الجوع الجنسي سيولد ثورات جنسية في أنحاء من العالم يسود فيها الكبت الجنسي وهذه الثورة حالها حال الثورات السياسية والاجتماعية لها "رجال ثوريون" يعملون على تأجيج أوراها. ويعتقد أن الثورة الجنسية قادمة في البلدان الإسلامية وفي الصين أيضًا.
ليسوا ملحدين
ويرى دونك أن تاريخ الأديان يرتبط إلى حد بالجمال والجسد والجنس في الكثير من لحظات الكينونة الجمالية، لكن رجال الدين يسعون إلى أخفاء ذلك حفاظا على مصالحهم، ويرى أن ممارسي الشذوذ الجنسي و السحاقية، هم أناس مؤمنون بالله والمسيح وليسوا ملحدين.
وقال انه عايش نساء عاهرات يترددن إلى الكنائس وكن مخلصات إلى الدين وان إحدى مدرسات معهد ديني كانت سحاقية، وكانت تتغزل بتلميذاتها المنتسبات للمعهد.
صدمة للقراء
لكن ما لا يدركه دونك أو يدركه قليلا أن ما تحدث عنه حول حرية جنسية وملائمة بين الجنس والدين في بلجيكا وهولندا وفرنسا لا تتوفر في العالم الإسلامي، فقد اضطرت الكاتبة بسنت رشاد سهلا، إلى ترك منزلها الكائن بأحد الأحياء الشعبية في الإسكندرية وقصدت القاهرة عقب تلقيها تهديدات بالقتل بسبب كتابها (الحب والجنس في حياة النبي).
وسهلا الشابة في أواخر العشرينيات، والتي ترتدي ما يسمى أحيانا (حجابا عصريا) اعترفت أن اللغة التي استخدمتها في كتابها شكلت صدمة للقراء في العالم العربي. لكنها ترى في حياة النبي الكريم ملك للجميع ولابد أن نقترب منه ولا نصل به إلى مرحلة التقديس كما تقول.
و تشكك بسنت مشيرة إلى ما تعتبره عددا هائلا من الأحاديث المشكوك في صحتها، التي تظهر النبي وكأنه ذو قدرات جنسية خارقة.
وتعرضت بسنت بصورة غير معهودة بشخصية السيدة عائشة، ووصفتها بأنها كانت (مدللة وشقية في مراهقتها). لكن الداعية الإسلامي جمال البنا يرى أن لا حساسية في الإسلام من تناول الجنس والعلاقة الجنسية. وحتى الكاتب البريطاني سلمان رشدي رأى إن الغرب أخفق في فهم أن أحد أسباب التطرف الإسلامي يكمن في خوف الرجال من الحرية الجنسية للنساء.
وصرح رشدي لمجلة "شتيرن" الألمانية الأسبوعية بأن روايته الأخيرة "شاليمار البهلوان" تناولت الخوف الكبير الذي يشعر به الكثير من الرجال المسلمين تجاه الحرية الجنسية للمرأة وفقدان الشرف. وأوضح في تصريحات نشرت باللغة الألمانية "أن العالم الغربي-المسيحي يتعامل مع مسائل الخطيئة والإخلاص وهي مسائل غير مهمة مطلقا في الشرق لأنه لا وجود لمفهوم الخطيئة الأصلية كما لا وجود لمخلص"- كما جاء في وكالة الصحافة الفرنسية.
عدنان أبو زيد adnanabuzeed@hotmail.com