دعا إمام الحرم المكي الشريف الشيخ عبدالرحمن السديس أمس الجمعة العلماء والقادة إلى أن يباركوا بإجماع واتفاق المنجز التاريخي العظيم المتمثل في افتتاح جامعة الملك عبدالله، محذراً من الانسياق وراء الشائعات والخوض في ما لم يتبين أمره.
وتحدّث السديس في خطبة الجمعة عن جامعة الملك عبدالله قائلاً إن "واجب الجميع من القادة والعلماء وحملة الأقلام ورجال الصحافة والإعلام وشباب الأمة والغيورين على مصالحها أن يباركوا بإجماع واتفاق هذه الجهود الخيرة في ظل مقاصدنا الإسلامية وضوابطنا الشرعية وفي ما يحقق الحفاظ على ثوابت الأمة وقيمها".
ويمنع الاختلاط في الجامعات السعودية بين الجنسين، وهو ما يتفق مع عادات وتقاليد المجتمع السعودي التي يشكل الإسلام الجانب الأكبر منها، لكن جامعة الملك عبد الله هي أول جامعة في المملكة تسمح بالاختلاط.
وتعد جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية صرحا تعليميا هائلا بما تحتويه من مختبرات ومعامل ومكتبات صممت ونفذت على أحدث المستويات الهندسية في العالم، وتضم الجامعة أربعة مراكز بحوث علمية متخصصة تهتم بدراسة الاحتياجات الصناعية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتطوير الصناعات المستقبلية.
وحذر الشيخ السديس "من الخوض في ما لم يتبين لهم أمره والانسياق خلف الشائعات المغرضة والإثارة المتعمدة المحرضة التي يريد أعداء الأمة وخصوم المجتمع أن تتقاذف سفينتها الآمنة أمواج الفتن المتلاحمة وتيارات الأهواء المتلاطمة".
وتوجه إلى المصلين بكلامه "ليطمئن الجميع في حسن ظن بديع إلى أن هذا المشروع الحضاري العملاق في أيدٍ أمينة بحمد الله، فما هو إلا شجرة مباركة في دوحة غناء عظيمة تجعل من العقيدة والشريعة منطلقاً لها في أعمالها لتحقق لها كل تطلعاتها وآمالها".
وتمنح الجامعة درجات علمية في الدراسات العليا فقط إذ ستكون خطة الأبحاث هي أساس البرامج التعليمية على مستوى درجتي الماجستير والدكتوراه في 11 مجالا دراسيًا
هي الرياضيات التطبيقية وعلوم الحاسوب، والعلوم البيولوجية، والهندسة الكيميائية والبيولوجية، والعلوم الكيميائية، وعلوم الحاسوب، وعلوم وهندسة الأرض، والهندسة الكهربائية، والعلوم والهندسة البيئية، والعلوم والهندسة البحرية، وعلوم وهندسة المواد، والهندسة الميكانيكية.
ويمثل مشروع الجامعة الذي أقيم في مركز ثول على ضفاف البحر الأحمر بالقرب من محافظة جدة بتكلفة عشرة مليار ريال وعهد بتنفيذه لشركة أرامكو السعودية على مساحة 36
مليون متر مربع وشاركت في وضع تصاميمه الهندسية مجموعة من الشركات المحلية والعالمية ، طرازاً متناسقاً بين العمارة التقليدية والتصميمات العصرية التي وضعت للمحافظة على كفاءة استخدام الطاقة والحد من الآثار البيئية الضارة.
وأضاف أن "من يُمن المناسبة واقتران السعدين وتجدد النعم ما تُولى به صروح التعليم وقلاع المعرفة من اهتمام وعناية وبذل وحرص ورعاية، شاهدوا ذلك الصرح العلمي الشامخ والمعقل المعرفي العلمي العملاق المتمثل في إنشاء وافتتاح جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بما تمثله من مصدر إشعاع حضاري ومنارة سامقة في سماء العلم والمعرفة".
وقال إن "كل محب للعلوم والمعارف ليبارك هذه النقلة النوعية الكبرى والوثبة الحضارية العظمى والقفزة التاريخية الجلى بما يحقق الأصالة والمعاصرة ويعيد للأمة بإذن الله سالف مجدها وفخرها وحضارتها، إنها جامعة رائدة في أهدافها سامية في مقاصدها نبيلة في غاياتها شاملة في أقسامها وتخصصاتها".
ويأتي حديث السديس بعد أيام من إقالة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز الشيخ سعد بن ناصر الشثري من منصبه كعضو في هيئة كبار العلماء بالمملكة، فيما تتردد أنباء عن الشثري هو من طلب الاستقالة بعد أيام من ظهوره في قناة "المجد" التلفزيونية، في حديث انتقد فيه السماح بالاختلاط في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، مثيراً عاصفة من الجدل في الأوساط الإعلامية السعودية.
وتعرض حديث الشثري لانتقاد إعلامي عنيف بدأه رئيس تحرير صحيفة "الوطن" السعودية الأكثر ليبرالية بين صحف المملكة جمال خاشقجي الذي انتقد كلام الشثري، متهماً قناة المجد التي استضافته بـ"فتح باب الفتنة والتشويش على الجامعة"، بعدها توالت المقالات الصحافية الناقدة للشثري في عدد كبير من الصحف السعودية والعربية، معتبرين أن القناة والشيخ الشثري تجاهلا الدور العلمي للجامعة وركزا على أمر آخر ليس ذا أهمية، "وهذا يقود للفتنة ضد الجامعة".
وأمام هذه الحملة العنيفة ضده، تراجع الشثري عن موقفه، واعتبر أن ما نُقل على لسانه حول الاختلاط تعرض للتحريف والتزوير، مؤكداً دعمه للجامعة، وتحدث في ردّ أرسله للصحف والمواقع الإلكترونية عن إيمانه "بعظم دور هذه الجامعة وعظم الأهداف التي أنشئت لأجلها"
وكان الملك عبدالله افتتح أخيراً وبحضور عدد من الرؤساء والملوك العرب والأجانب جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، وتهدف الجامعة إلى مساعدة البلاد على التنافس عالمياً في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وتحتضن الجامعة العملاقة أحد أسرع أجهزة الكمبيوتر في العالم.
وتنفق السعودية مليارات الريالات على جامعاتها في محاولة لاستغلال عائدات النفط في تطوير البحث العلمي وإعداد كادر علمي مؤهل قادر على تسلم مهام الإدارة في كثير من المؤسسات الاقتصادية والعلمية والإدارية من الأجانب الذين يصل عددهم في المملكة إلى نحو 10 مليون شخص.
وكانت السعودية بدأت في برنامج الابتعاث الخارجي الذي يتضمن إرسال طلبة سعوديين للدراسة في الجامعات العالمية المرموقة على حساب الحكومة السعودية، كما حققت جامعتا الملك سعود وجامعة الملك فهد مواقعاً متقدمة بحلولهما ضمن أفضل 300 جامعة عالمية، طبقاً لتصنيف "تايمز كيو.إس" البريطاني للجامعات والذي تنشره تايمز البريطانية في شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.
المصدر: أعمال الشرق الأوسط