يا ساتر!.. يقول الخبر المنشور في جريدة الوطن أمس « إن الدوريات الأمنية وفرق البحث الجنائي وفروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سوف تمنع الشباب من ارتداء الملابس المخلة بالآداب في الأماكن العامة وسوف تقبض على المخالفين وتحيلهم إلى القضاء في حال عدم استجابتهم للنصح حيث سيلقون عقوبات تعزيرية وقد أكد أحد القضاة أن شهادتهم لن تقبل في المحاكم لأن ما فعلوه من خوارم المروءة» لم أفهم المقصود بالملابس المخلة بالآداب، ولكنني أؤيد هذا القرار إذا كان في ارتداء مثل هذه الملابس تشبه بالنساء أو شيء من هذا القبيل أو في حال احتوائها على مخالفات مثل الصور الخادشة للحياء، ولكنني في كل الأحوال لا أرى حاجة لمثل هذا الاستنفار الأمني فالشاب الذي يرتدي آخر صرعات الموضة ولا يؤذي أحدا هو ــ بالنسبة لي ــ أفضل ألف مرة من الشاب الذي يرتدي الغترة والعقال ويسرق سيارتي.
وكي لا يقول عشاق الفهم الخاطئ إنني من مؤيدي بعض الموضات المضحكة مثل (طيحني) و(سامحني يا بابا) فإنني أؤكد أنني في هذه المسألة بالذات (دقة قديمة) حيث أفضل صورة الشاب الذي يعكس من خلال ملابسه دلالات الرجولة والعنفوان، ولكنني أتعامل مع الصرعات الشبابية الحديثة وفقا للمثل الشعبي الذي يقول: (الرجال مخابر وليسوا مناظر) فهؤلاء الشباب يعيشون زمانهم ولا بد أن يكبروا في يوم ما ويداهمهم الصلع، وتكبر كروشهم فيضطروا مرغمين لارتداء الثوب والغترة والعقال لإخفاء عيوب الدهر التي لا يصلحها العطار.
ملابس الشباب الحديثة لا تزعجني ولا تهمني، ما يزعجني حقا هو ملابس بعض الكبار المقرفة كم مرة ــ على سبيل المثال ــ شاهدتم رجلا طويلا عريضا يدخل السوبرماركت وهو يرتدي بيجامة النوم؟ ألم تشعروا بالتثاؤب عند مشاهدتكم لهذه الصورة العجيبة؟ كم مرة شاهدتم رجل البيجامة هذا في المطعم؟ ألم تشعروا بالقرف وانعدام الرغبة في الأكل؟ كم مرة دخلتم مطارا دوليا أو مجمعا تجاريا وشاهدتم رجلا محترما في منتصف العمر يرتدي ثوبا خفيفا يكشف عن ملابسه الداخلية القصيرة ثم يجلس ــ بكل أريحية ــ على أحد المقاعد فيضع ساقا على ساق وكأنه جاء خصيصا ليؤكد بطلان نظرية داروين التي تربط بين الإنسان والشمبانزي.. فهو في هذه الصورة مثال حي على أن أقرب الكائنات إلى الإنسان هو الغوريلا.
كم مرة شاهدتم شخصا يقف أمام منزله وهو يرتدي سروال سنة وفانيلة علاقي؟ وما هو شعوركم لو وجدتم أن البعض يعتبرون مثل هذا اللباس الأبيض العجيب صالحا لمناقشة موظف الاستقبال في فندق أو مجمع للشقق المفروشة؟!.
صحيح أن ملابس الكبار المقرفة التي تدل على قلة الذوق وعدم الاكتراث بمشاعر الآخرين هي مسألة شخصية وتصعب ملاحقتها قانونيا إلا أنها أكثر إيذاء من ملابس الشباب (الكول) الذين يحاولون التناغم مع عصرهم... بالمناسبة لماذا لا نعتبر ملابس الشباب الحديثة مسألة شخصية؟!!.
* خلف الحربي
*نقلاً عن صحيفة "عكاظ" السعودية