يقول صاحب محل عطاره شهير في السعودية "لم أشهد في حياتي إقبالا على اليانسون مثل الذي يحصل الآن"، وهو يشير إلى حال أسواق المملكة التي اختفى منها اليانسون بعد إشاعة يتم تداولها عبر الهاتف الجوال عن دور اليانسون في الشفاء من وباء أنفلونزا الخنازير.
وأدت هذه الشائعات في بلد يعرف بأنه بيئة خصبة للشائعات إلى اختفاء اليانسون من السوق وارتفاع أسعاره وتهافت المواطنين على شرائه اعتقادا منهم انه يقاوم أنفلونزا الخنازير دون وجود دليل علمي يثبت صحة ذلك.
وتناقل السعوديون رسائل جوال تؤكد على مقدرة اليانسون على التصدي للمرض، وتوضح الرسالة كيفية الاستفادة منه في مكافحة أنفلونزا الخنازير والطريقة التي يتم إعداده بها وكيف يتعامل مع المرض حتى يقضي عليه، وتؤكد الرسائل أن اللقاح الذي أنتج في الصين تم استخلاصه من اليانسون، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "المدينة" المحلية.
وسجلت السعودية منذ ظهور المرض 36 حالة وفاة، فيما تجاوزت الإصابات التسعة آلاف إصابة، وتقول وزارة الصحة السعودية أن 98 بالمائة منها شفي تماما من المرض وعاد لممارسة حياته الطبيعية.
ويقول إسحاق ميجان وهو صاحب أشهر محل عطارة في مدينة الطائف "غرب السعودية" إن اليانسون نبتة عطرية لها فوائد طبية كثيرة ويتم وصفه لمن يعاني من مغص أو انتفاخ أو اضطراب في عملية الهضم، كذلك يوصف اليانسون للمصابين بالربو والأمراض الصدرية فهو طارد للبلغم ومدر للبول.
وأضاف أن اليانسون معدوم في السوق خلال الفترة الحالية ما سبب ارتفاع سعره، حيث أقبل الناس على شرائه وبكميات كبيرة، ما تسبب في سحبه من الأسواق وارتفاع سعره.
من جانب آخر، قال الموطن ناصر العصيمي إن اليانسون له نكهة مميزة وحلو المذاق وأنه يستخدمه منذ فترة إلا أنه فوجئ بارتفاع سعره حيث كان يشتري الكيلو بـ 30 ريالا قبل أن يصل السعر إلى 60 ريالا.
ويقول اختصاصي الأمراض الباطنية الدكتور أسامة خليفة إن اليانسون يعتمد عليه كثيرا فيما يسمى بالطب البديل، وهو من المشروبات المهدئة للأعصاب وينصح دائما أصحاب الاعتلال الهضمي والذين يعانون من المغص أو سوء الهضم بشرب اليانسون، كذلك يوصف في بعض حالات الالتهابات الرئوية، ومن المؤكد أنه ليس له أي آثار جانبية، وهو حلو المذاق يستسيغه الجميع.
ولا تقتصر إشاعة اليانسون على السعودية، بل إنها انتشرت في كثير من الدول بينها سورية التي تعاني أسواقها من ارتفاع أسعار اليانسون بعد الطلب المتزايد عليه.
وفي رأي علمي مؤيد لهذه الإشاعة، يقول العالم المصري سعيد شلبي وهو أستاذ بالمركز القومي المصري للبحوث وعضو جمعية "الماكروبيوتيك" العالمية بايطاليا إن تناول كوب يانسون مغلي يوميا قبل الخروج من المنزل يقي الإنسان الإصابة بمرض أنفلونزا الخنازير، ويقول أن عقار "التاميفلو" المستخدم حاليا في علاج المرض مستخرج من اليانسون.
وحتى الآن يبقى الحديث حول فعالية اليانسون مجرد افتراضات ربما تحسم أمرها نتائج التجارب في المخابر الطبية، ما يعني أهمية الأخذ بعين الاعتبار العوامل الوقائية الأخرى من أنفلونزا الخنازير كتجنب الزحام، والحفاظ على النظافة الشخصية.
وكانت وزارة الصحة قالت في وقت سابق أنها ستعالج جميع مصابي أنفلونزا الخنازير من المواطنين والوافدين مجانا في المستشفيات الحكومية والخاصة بعد أوامر أصدرها العاهل السعودي الملك عبد الله.
وتقول الوزارة أنه على الرغم من الانتشار السريع للمرض إلا أن درجة ضراوة الفيروس لا تزال متوسطة الحدة وغالبية الحالات تشفى من دون علاج وأن نسبة الوفيات متدنية في السعودية.
وتثير شائعة اليانسون العديد من التساؤلات حول إقبال السعوديين على الشائعات في بلد محافظ كالسعودية بات يعد بيئة خصبة للشائعات التي تقود لكوارث اجتماعية واقتصادية كان أبرزها انهيار سوق الأسهم في العام 2006، الذي ألحق ضرراً بالغاً بثلاثة مليون مواطن مع عائلاتهم، وكان آخرها شائعة مكائن الزئبق الأحمر الموجود في مكائن الخياطة القديمة ما رفع أسعارها لأرقام خيالية، ومن ثم شائعة تأجيل العام الدراسي بسبب الانفلونزا.
المصدر: مجلة أعمال الشرق الأوسط http://www.arabianbusiness.com/arabic/570398