بيننا الآن منطلقٌ للتواشيح
هل تستحي أن تبوح بأسرار وجدك ؟ .. قل لي
لماذا إذا نثر الأقحوان جدائله و استوى
فوق عرش الوجود تراجعت الكائنات الى ذاتها
و استعارت تواشيح من سافروا للبعيد؟
أصيخُ هنا لابن زيدون
تلك القصائد كم نشرت عرفَها
لأندلسيٍ يهدهد حلما؟
تراجعني الهامساتُ خُطىً لِقصائدها
آه ولاّدة الفخر إذ تتجلّى
ليس لي حرفها فلماذا تحمّلني حزنها و تزيد؟
و لماذا صداها يراودُني .. و يراوِغُني..
لماذا كأمس الطلولِ يعاندني و يسود؟
للطلولِ متاهاتُها
و ما اعتدت إلآ بكاءَ الطلول
كما فعلَ السابقون
فما كان لي عين زرقاء حتى أرى قادماً من بعيد
و لا كان لي شوق عفراء كي يتسامق نحوي
الغريب القريب الحبيب البعيد.
لم أكن قبل إطلالة الوجد في شرفات التجلي سوى
همسةً للرياح التي قد تهبّ.. و قد لا تهبُّ
و ما كنتُ أدرك أن الرياح الدمشقية اللون
ترخي بقلبي عواصفها و أني على عصفها أستعيد
لصوتيَ ما قالت الريح للأقحوانةِ يوم استبدّت بها
فانتثرت بصوتي أنادي الشرود العنيد:
يا ابن زيدون .. قل لي ..
و فاجأني في التواشيح صوتي
فأشرعت كل المصاريع و الشرفات المصونة .. قلتُ:
غداً عندما تستبيح الرياح سكوني و أعصفُ
سوف على نبضها أستميح الوجودَ وجوداً
جديدا، و أهمس كالأقحوان ببوحي : أنا أختها
أختُ ولاّدة الفخر و العز بيتي
عتيقٌ عتيد..
وقفتُ على شرفات ِ
السكون بقرطبة الأمس أبكي
و أترك حزني و حزن البلاد يعرّش
في المشربيات
في الشرفات الصقيلة
في دفء أمس الذي كان
ثم استحال طلولا تطل على رقصةِ
الغجريات صخباً و في النبض إيقاع موتي
إذا ضربات الدفوف تراوحُ ما بيننا
ترى ما الذي كان ما بيننا يا ابن زيدون؟
ما زلتُ أسأله.. قرارة حزني موتي..
عزفٌ لقيثارة تستفز الجوانح نائحةً؟
.. تستغيثُ .. ارونا الآن فيض وجودٍ؟
تعيث بنبضي أناتها.. و تجود
زماناً بأشجان أمس تصاهل
بي وصلُه زاخراً مستفيضا
يعود بولاّدة الآن صوتي ..
يعود..
د. ثريا العريض