امرأة من زمن آخر

550902_3908875331207_1559065840_33100310_1924720022_n

يوم التقينا على بوابة فصل الأحلام‏

قلت: ادخلي!‏

ودخلت..‏

كان العالم ملوناً بعصافير وفراشات‏

وكانت الأرض تتمرى بسماء زرقاء‏

تسكنها آلاف الورود‏

وكنت معي طفلاً‏

يفتش عن لعبة نادرة‏

تشهى الحصول عليها زمناً‏

لكن الطفولة هجرته وشردته الرّياح‏

على أرصفة الغبار والحنين‏

......‏

يوم التقينا‏

خلتك الرجل- الأسطورة- الذي وعدني‏

بأن يخرج إليّ ذات حلم‏

من أوراق صفراء‏

بين دفتي كتاب‏

ليصوغني أميرة للبراري والينابيع‏

ليرتبني امرأة حقيقية‏

تؤثث فصولها بالخصب‏

تنثره على مفارق الكرة الأرضية‏

لكنك لم تستطع أن تكون إلا أنت‏

الرجل الشرقي الراغب أبداً‏

بصوغ امرأة صغيرة‏

تتبعه كظله‏

تدور حوله كفراشة‏

ثم تحترق بضوئه‏

وأنا... لا أستطيع أن أكون!‏

فعد إلى دائرة أحلامك الضيقة‏

واتركني أرسم الكون‏

دائرة مفتوحة لأحلامي‏

يوم التقينا‏

كان يجب‏

ألا نلتقي..‏

فبيني وبينك‏

مساحات من البوادي السمراء‏

سامقات من الجبال الخضراء‏

وامتدادات زرقة بلا حدود‏

مقتول أنت في فضاءاتي‏

مقتولة أنا في فضاءاتك‏

فليعد كل منا إلى عالمه بصمت‏

بلا هزائم منثورة أو مقفاة‏

فإيقاع الحياة مستمر‏

ما دامت إمكانية اختيار حلم جديد قائمة‏

أشرع للريح نوافذك‏

وافتح صدرك للمطر القادم‏

فأنا راحلة عن حدود أيامك الباردة‏

لأبحث عن نوافذ لا تغلق‏

عن صدر لا يخاف اشتعال الريح‏

في توابيت المدينة‏

وسأمحو بالثلج المرتجى‏

بقايا أيامنا الرمادية‏

وهي.. أصغر من الحلم‏

أكبر من الوهم‏

ولتشرق على العالم‏

شمس من بهاء كلمات‏

تضيء كالزيتون‏

تحلّق كالنسور‏

تهدل كالحمام‏

وليشرق على قلبي‏

قمر الحبّ المستحيل‏

لأنتظر من جديد‏

وجهاً أليفاً إلى درجة التوحد‏

وادعاً إلى حدود الطفولة‏

واضحاً... غامضاً.. كالبحر‏

قد لا يتسع عمري هذا لألتقيه‏

لكنني في زمان ما...‏

في مكان ما...‏

سأنهض من العدم‏

عندما تهمس لعظامي جذور السنديان‏

بأنه جاء.. ذلك الرجل المعجون من سمرة الرمال‏

وصخر الجبال وخضرة الشجر‏

سأنهض من العدم‏

لأغني قصيدتي الأولى‏

أوقعها وشماً على صدره العشبي‏

على ساعديه الضارعين للسماء‏

أن تمنحه امرأة من زمن آخر‏

زمن لم يتسع لأحلامها‏

فنامت دهوراً بانتظاره‏

انتظاره وحده.. دون سواه.‏

  • فاديا غيبور
  • 1998‏

إرسال تعليق

أحدث أقدم